حال عرب قبل بعثة  النبي- صلى الله عليه وسلم

الخميس _19 _أبريل _2018AH admin
حال عرب قبل بعثة  النبي- صلى الله عليه وسلم

   حال عرب قبل بعثة  النبي- صلى الله عليه وسلم – :

كان معظمُ العربِ اتبعوا دعوةَ إسماعيل- عليه السلام- حين دعاهُم إلى دينِ أبيه إبراهيم- عليه السّلام- فكانت تعبد الله وتوحده وتدين بدينه، حتى طال عليهم الأمد ونسوا حظا مما ذكروا به، إلا أنه بقي فيهم التوحيد وعدة شعائر من دين إبراهيم، حتى جاء عمرُو بن لحي رئيس خزاعة([1])، وكان قد نشأ على أمر عظيم من المعروفِ والصدقةِ والحرصِ على أمور الدين، فأحبه الناسُ، ودانوا له ظنا منهم أنه من أكابر العلماء وأفاضل الأولياء، ثم إنه سافر إلى الشام، فرآهم يعبدون الأوثان، فاستحسن ذلك … فقدم معه بهبلٍ وجعله في جوف الكعبة، ودعا أهلَ مكة إلى الشرك بالله، فأجابوه. ثم لم يلبث أهلُ الحجازِ أن تبعوا أهل مكة، لأنهم ولاةُ البيتِ وأهلُ الحرم([2]).

فانتشر فيهم الشرك انتشارًا فاحشًا حتى إنه كان لكل أهلِ دارٍ صنمًا يعبدونه من دون الله، وكانوا يتمسحون ويتبركون به قبل السفر وبعده، فلما بعث الله محمدا بالتوحيد عابوا عليه ذلك وقالوا {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }([3]).

وفي الصحيح عن أَبَي رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ، يَقُولُ: ” كُنَّا نَعْبُدُ الحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ، وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً([4]) مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ”.

وكان «بنو حنيفة» اتخذوا في الجاهلية إلها من حيس([5])، فعبدوه دهرا طويلا، ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه، فقال رجل من بنى تميم “يعيِّرُهم بذلك”:

 أكلت ربّها حنيفةُ من جوع … قديمٍ بها ومن إعواز ([6])

وروي أن أحد العرب كان يُسْدِنُ صَنَمًا لِبَنِي سُلَيْمٍ فَرَأَى يَوْمًا ثَعْلَبَيْنِ يَبُولَانِ عَلَيْهِ، فَقَالَ:   أَرَبٌّ يَبُولُ الثَّعْلَبَانِ بِرَأْسِهِ … لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ

ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَهُ.

وهكذا صار الشرك وعبادة الأصنام أكبر مظهر من مظاهر دين أهل الجاهلية، الذين كانوا يزعمون أنهم على دين إبراهيم.

كانوا يعكفون عليها، ويلتجئون إليها… ويهتفون بها، ويستغيثونها في الشدائد، ويدعونها لحاجاتهم، معتقدين أنها تشفع عند الله، وتحقق لهم ما يريدون.

وكانوا يحجون إليها ويطوفون حولها، ويتذللون عندها، ويسجدون لها.

وكانوا يتقربون إليها بأنواع من القرابين فكانوا يذبحون وينحرون لها وبأسمائها، وهذان النوعان من الذبح ذكرهما الله تعالى في قوله{وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}، وفي قوله{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}([7]).

كانت العرب تفعل كل ذلك بأصنامهم، معتقدين أنها تقربهم إلى الله وتوصلهم إليه، وتشفع لديه كما في القرآن {ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى}{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ، وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ}…

وكان العرب أيضا يؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين والمنجمين([8])وكانوا يتطيرون ([9]).

([1])  الذي قال فيه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السُّيُوبَ». صحيح مسلم (4/ 2192)

([2])  الرحيق المختوم (ص: 27).

([3]) [ص: 5]

([4]) كومة من تراب.

([5]) تمر يخلط بسمن وطحين ويعجن.

([6])  المعارف (1/ 621).

([7])  الرحيق المختوم (ص: 28)

([8])  والكاهن: هو من يتعاطى الاخبار عن الكوائن في المستقبل، ويدعي معرفة الأسرار، ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من الجن يلقي عليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه.

والعراف: هومن يدعي معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله كمن يدعي معرفة المسروق ومكان السرقة والضالة ونحوهما.

والمنجّم: من ينظر في النجوم أي الكواكب، ويحسب سيرها ومواقيتها، ليعلم بها أحوال العالم وحوادثه التي تقع في المستقبل  والتصديق بأخبار المنجمين هو في الحقيقة إيمان بالنجوم، وكان من إيمانهم بالنجوم الإيمان بالأنواء، فكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا .

([9]) الرحيق المختوم (ص: 30) مع تصرف بسيط.

شاركنا بتعليق


خمسة × 4 =




بدون تعليقات حتى الآن.