من مكايد الشيطان لابن آدم ج2

الخميس _20 _مارس _2025AH admin
من مكايد الشيطان لابن آدم ج2

ومن كيده للإنسان: أنه يُورِده المواردَ التي يُخيَّل إليه أن فيها منفعته، ثم يُصْدِرُهُ المصادر التي فيها عطبه،

ويتخلّى عنه ويُسلِمه ويقف يشمتُ به، ويضحك منه، فيأمره بالسرقة والزنى والقتل، ويدل عليه ويفضحه،

قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ

الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48]،

فإنه تراءى للمشركين عند خروجهم إلى بدرٍ في صورة سُراقة بن مالك، وقال: إني جارٌ لكم من بني كِنانة

أن يقصدوا أهلكم وذراريكم بسوء، فلما رأى عدوُّ الله جنودَ الله من الملائكة نزلت لنصر رسوله فرَّ عنهم وأسلمهم،

كما قال حسان:

دَلّاهُمُ بِغُرُورٍ ثُمَّ أَسْلَمَهُمْ … إِنَّ الخبِيثَ لمنْ وَالاهُ غَرّارُ

وكذلك فعل بالراهب الذي قتل المرأة وولدها، أمره بالزنى بها ثم بقتلها، ثم دلّ أهلها عليه، وكشف أمره لهم،

ثم أمره بالسجود له، فلما فعل فر عنه وتركه، وفيه أنزل الله سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ

قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16]، وهذا السياق لا يختص بالذي ذُكرت عنه هذه القصة،

بل هو عامّ في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر، لينصره ويقضي حاجته؛ فإنه يتبرأ منه ويُسْلمه كما يتبرأ

من أوليائه جملةً في النار، ويقول لهم: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22]، فأوردهم شرَّ الموارد،

وتبرأ منهم كلَّ البراءة.

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (1/ 190 ط عطاءات العلم)

شاركنا بتعليق


2 + 9 =




بدون تعليقات حتى الآن.