سلسلة المعصية وشؤمها 4- (حاجتنا في الحديث عن المعصية وضررها)

الأثنين _24 _أكتوبر _2016AH admin

 قد يشعر البعض أنه اجتاز القنطرة ووصل إلى بر الأمان فأمن من الضلالة، وهذا أمارة كبيرةٌ على ضعف الإيمان والغرور، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خوطب بقوله عز وجل: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾[الإسراء:74].

 وإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾[إبراهيم:35].

ومما يخيف المؤمن الذي تسري الحياة في قلبه ما ورد في الحديث عن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ  شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ " وَكَانَ يَقُولُ: " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَخْفِضُهُ وَيَرْفَعُهُ "([1])

وقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ: لاَ أَقُولُ فِي رَجُلٍ خَيْرًا وَلاَ شَرًّا، حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُخْتَمُ لَهُ، يَعْنِي بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَمَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلاَبًا مِنَ الْقِدْرِ، إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا"([2])

فإذا كان الأمر كذلك فإن المعصية هي معول هدم في بنيان الطاعة والإيمان، ولاشك أن القلب يتأثر بما يحدث ثباتًا وزيغًا.

 وتأمل قوله تعالى: ﴿ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ﴾[النحل:94]. فقال بعد ثبوتها ولم يقل بعد عملها، أو بدايتها، وإنما هي ثابتة وراسخة، ثم تزيغ.

 نسأل الله عز وجل الثبات.

 ولاشك أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فحاول تضييقه بالمراقبة، واستحضار العاقبة، مع عدم استشارة النفس عند الإقدام على المعصية، ولكن العزم والحزم، وبعد ذلك ـ بإذن الله ـ تهون تلك المعصية حتى تكون لا شيء مقابل استحضار عظمة الله تعالى.

نسأل الله عز وجل الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

فضيلة الشيخ: خالد الجريش



([1]) أخرجه أحمد 4/182 (17780) و ابن ماجه (199) وصححه ابن حبان (943) والحاكم والأرناؤوط على شرط الشيخين.

([2])أخرجه أحمد 6/4 (24317) وحسنه الأرناؤوط.

 

شاركنا بتعليق


17 − خمسة عشر =




بدون تعليقات حتى الآن.