أهمية الخشوع ج1

الجمعة _30 _يوليو _2021AH admin
أهمية الخشوع ج1

أما ما يتعلق بأهمية الخشوع، ومنزلته: فهو بلا شك في غاية الأهمية، ومن فقده فقد واجباً من واجبات الإيمان، ومما يدل على أهميته أنه واجب من واجبات الصلاة على قول طائفة من أهل العلم، وممن اختار هذا القول: القرطبي صاحب التفسير وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – والحافظ ابن القيم وطائفة من السلف، والخلف، وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية على أن الخشوع واجب من واجبات الصلاة بأدلة متعددة منها:

الدليل الأول: أن الله عز وجل قال: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ، وَالصَّلَاةِ، وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45] يقول مبيناً وجه هذا الاستدلال: “وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [سورة البقرة:45] فغير الخاشع تكون كبيرة عليه، فمعنى ذلك أنه مذموم؛ لأن الله قال: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة:143] فهؤلاء الذين يكبر عليهم التحول من بيت المقدس إلى الكعبة، فهؤلاء فقدوا أساساً، وأمراً عظيماً، حيث إنهم خرجوا عن هذا الوصف: وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة:143] والله عز وجل يقول: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ [الشورى:13].

يقول شيخ الإسلام: “من مجموع هذه الآيات، دل كتاب الله عز وجل على أن من كبر عليه ما يحبه الله أنه مذموم بذلك، وأن ذلك مسخوط منه، والذم، أو السخط لا يكون إلا لترك واجب، أو فعل محرم، وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك على وجوب الخشوع، فمن المعلوم أن الخشوع المذكور في قوله تعالى: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45] لابد أن يتضمن ذلك الخشوع في الصلاة، فإنه لو كان المراد الخشوع خارج الصلاة لفسد المعنى، إذ لو قيل: إن الصلاة لكبيرة إلا على من خشع خارجها، ولم يخشع فيها، كان يقتضي أنها لا تكبر على من لم يخشع فيها، وتكبر على من خشع فيها، وقد انتفى مدلول الآية، فثبت أن الخشوع واجب في الصلاة”.

الدليل الثاني الذي استدل به – رحمه الله – : قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ۝ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ۝ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:1 – 4] إلى أن قال بعد أن سرد جملة من الأمور الواجبة – : أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ۝ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10 – 11].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “فأخبر الله – سبحانه، وتعالى – أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة، وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم، وقد دل هذا على وجوب هذه الخصال، إذ لو كان فيها ما هو مستحب لكانت جنة الفردوس تورث بدونها؛ لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات، ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب”. 

واستدل أيضاً بدليل ثالث ذكره في موضع آخر من كتبه، يقول: يدل على وجوب الخشوع في الصلاة أن النبي ﷺ توعد تاركيه، كالذي يرفع بصره في السماء، فإن حركته، ورفعه ضد حال الخاشع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: ليَنتهُنّ عن ذلك، أو لتُخطفنّ أبصارهمرواه البخاري.

وكذلك حديث جابر بن سَمُرة رضي الله عنه قال: دخل رسول الله ﷺ المسجد، فرأى فيه ناسًا يصلون رافعي أيديهم إلى السماء، فقال: ليَنتهِينّ رجال يشخصون أبصارهم إلى السماء، أو لا ترجع إليهم أبصارهم فاستدل به على أن الخشوع واجب، وبهذا استدل أيضاً الحافظ العراقي على ذلك.

كما أن الله عز وجل ذم قسوة القلوب المنافية للخشوع في غير موضع من كتابه كما قال: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً  [البقرة:74] قال الزجاج: “قست: بمعنى غلظت، ويبست، وعسيت، فقسوة القلب: هي ذهاب اللين، والرحمة، والخشوع منه، والقلب القاسي، والعاسي: هو الشديد الصلابة”.

شاركنا بتعليق


أربعة + عشرين =




بدون تعليقات حتى الآن.