الشبهة الخامسة: من أنكر الشرك فقد أنكر شفاعة الرسول

الخميس _11 _يونيو _2015AH admin
الشبهة الخامسة: من أنكر الشرك فقد أنكر شفاعة الرسول

الشبهة الخامسة:

من أنكر الشرك فقد أنكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم

 

 

انظر – يا رعاك الله – كيف يأتون الناس بالتلبيسات والشبهات، وهذا كثير لا سيما عند الغلاة في النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، فيفاجئك، ويتهمك بقوله: أنت تنكر الشفاعة! ليسكتك ويغلبك برفع الصوت! ويخوفك بهذا الأصل، يأتيك بهذا الأمر، فإن كنت رخوًا أَذْعنتَ له، وإن كنت راسخًا فقل: لا، ما أُنكر الشفاعة التي هي طلب الدعاء من الحي الحاضر، ولكن أنكر أن أطلبها منه في حال موته! أو أطلبها من غير من يملكها، ومالكها هو الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 44].

 

أ – فالجواب الأول يقول: الشفاعة لله، واللام لام الملك، ولام الاختصاص، والله يملكها، والله يختص بها، ولا تطلب الشيء إلا من مالكه، فإن طلبته من غير مالكه فأنت عندئذٍ ظالم ومُعْتَدٍ، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 44].

 

ب – الجواب الثاني: الشفاعة لا تكون إلا بإذن الله؛ لأن الله ذكر في القرآن أنها لا تصح الشفاعة إلا من بعد إذنه، والشفاعة الصحيحة المقبولة لها شرطان:

1 – أن يأذن الله للشافع أن يشفع.

 

2 – ويأذن أن يشفع الشافع في المشفوع فيه، وهو رضا الله عن المشفوع.

 

فبهذين الشرطين تكون الشفاعة وتصح؛ والدليل عليهما قوله تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26]؛ ولهذا إذا أتى الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المحشر يوم القيامة ذهب وسجد تحت العرش، وحمد الله بأنواع من المحامد مدة طويلة؛ حتى يأتي الإذن: ((يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع))[1]، والحديث في الصحيحين متفق عليه، فها هنا جاء الإذن، أما قبل هذا فلا يشفع حتى يأذن الله له بالشفاعة.

 

تنبيه:

مسألة: هل يشفع صلى الله عليه وسلم ها هنا للمشركين؟ لا يشفع لهم؛ لأن الله لم يرضَ عن المشفوع له بهذه الشفاعة، وما جاء في شفاعة أبي طالب فهي خاصة، لكنها لا تنفع أبا طالب؛ حيث يَظن أنه أشد أهل النار عذابًا، وفي الحقيقة هو أقلهم عذابًا، وذلك إذا وضع في ضَحْضاح من النار.

 

أما الشفاعة العظمى، فالمشركون دخلوا تبعًا للمؤمنين، ولم يستقلُّوا بها، ثم هي شفاعة لا تنفعهم، بل تعجل بذهابهم إلى عذاب السعير، والعياذ بالله.

 

إذا تبين أنها لله، فالنتيجة أن تطلب من الله تعالى؛ ولهذا تدعو ربك: اللهم لا تحرمني شفاعة نبيك، اللهم شفِّعه فيَّ، فأنت دعوت الله جل وعلا أن يجعل نبيه شافعًا فيك، اللهم لا تحرمنا شفاعةَ الشافعين، لكن إذا قلت: يا نبي الله، اشفع لي – في حال موته – وقعت في الشرك عندئذٍ، بدعاء وسؤال غير الله؛ فانتبه.

 

قال رحمه الله: فإن قال: النبي صلى الله عليه وسلم أُعطِي الشفاعة، وأنا أطلب منه مما أعطاه الله تعالى.

 

فالجواب: أن الله أعطاه الشفاعة، ونهاك عن هذا؛ فقال تعالى: ﴿ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، فإذا كنت تدعو الله أن يُشفِّع نبيه فيك فأطعه في قوله: ﴿ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾، وأيضًا فإن الشفاعة أعطيها غيرُ النبي صلى الله عليه وسلم، فصَحَّ أن الملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون، أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة وأطلبها منهم؟ فإن قلت هذا، رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه، وإن قلت: لا، بطَل قولُك: أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلب منه مما أعطاه الله).



[1] انظر: صحيح البخاري 4 /105 – 106، كتاب بدء الخلق، صحيح مسلم 1 /184 – 186، كتاب الإيمان).





 

شاركنا بتعليق


سبعة عشر − ثمانية =




بدون تعليقات حتى الآن.