الغلو في الصالحين 2

الخميس _26 _يوليو _2018AH admin
الغلو في الصالحين 2

الغلو في الصالحين 2:

قال الله تعالى: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس: 18]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس: 107]، وقال جل ذكره: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر: 2، 3].

 

وقال أيضًا: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء: 56، 57].

روى بعض المفسرين عن ابن عباس ومجاهد، وابن مسعود وغيرهم – أن أناسًا كانوا يعتقدون في عيسى عليه السلام وعزير، والملائكة والجن، وغير هؤلاء، فردَّ الله عليهم اعتقادهم وشِركهم: إن هؤلاء الذين تدعونهم عبيدي كما أنتم عبيدي، يرجون رحمتي كما ترجون، ويخافون عذابي كما تخافون”، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف: 194]، وفي القرآن الكريم كثير من الآيات البيِّنات في تقرير التوحيد والرد على المشركين الذين غَلَوْا في الصالحين من عباده، حتى رفعوهم في أنفسهم إلى مقام الإلهية، تعالى الله عن غلُوِّهم وشِركهم عُلوًّا كبيرًا.

أيها المسلمون، انظروا إلى القرآن، وتدبَّروا ما فيه، وافهموا خطاب الله إليكم، وما يُراد منكم، ولا تكونوا كالذين استهوتهم الشياطين في الأرض حيارَى، فأعرَضوا عن كتاب ربهم وسُنة نبيِّهم، فخسروا أنفسهم وذلك هو الخسران المبين، ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر: 2، 3].

روى مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال علي بن أبي طالب “ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تَدَعَ تمثالاً إلا طمَسته، ولا قبرًا مُشرفًا إلا سوَّيته”.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بتسوية القبور، وكسْر التماثيل، وهؤلاء الغُلاة يرفعون عليها القباب، ويبنون عليها الأبنية الضخمة، وفي ذلك من المحادة لله والرسول ما الله به عليم؛ ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبادة الله عند القبور، فكيف إذا عُبِدت القبور، وطُلِب منها ما لا يقدِر عليه إلا ربُّ الأرباب، وملك الملوك، وعلاَّم الغيوب؟!

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أمَّ سلَمةَ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح، بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)).

 

ولم كانوا شرار الخلق عند الله؟ لأنهم جمعوا بين فتنتين عظيمتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل، والذين تعلَّقوا بالقبور من هذه الأمة زادوا عليهم وأرْبوا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها، فيدعو فنهاه، وقال: ألا أُحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتَّخذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا؛ فإن تسليمكم عليّ يَبلغني أين كنتم)))؛ رواه الضياء المقدسي في المختارة، وفي رواية: ((فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))، ثم قال له: “أنت ومَن بالأندلس سواء”.

فهذا عالم من علماء آل البيت، بل من خيارهم، فإنه ابن الحسين رضي الله عنه – ينهى عن الدعاء عند القبر الشريف، ويقول للرجل: “أنت ومَن بالأندلس سواء”، وأنت اليوم قد لا تستطيع أن تنهى عن تقبيل عمود البدوي أو مقصورة الحسين رضي الله عنه، وهذا والله من غربة الإسلام.

شاركنا بتعليق


3 × واحد =




بدون تعليقات حتى الآن.