القلب الميت
الجمعة _29 _ديسمبر _2023AH adminوالقلب الثاني ضِدُّ هذا، وهو القلب الميت الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقفٌ مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو لا يبالى – إذا فاز بشهوته وحظه – رضي ربُّه أم سخط، فهو متعبد لغير الله: حبًّا، وخوفًا، ورجاءً، ورضًا، وسخطًا، وتعظيمًا، وذلًا، إن أحبَّ أحبَّ لهواه، وإن أبغض أبغضَ لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فهواه آثَرُ عنده وأحب إليه من رضا مولاه؛ فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائسه، والغفلة مركبه، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية معمور، وبسكرة الهوى وحبِّ العاجلة مغمور، يُنادَى إلى الله وإلى الدار الآخرة من مكان بعيد، فلا يستجيب للناصح ويتّبع كل شيطان مريد؛ الدنيا تُسخطه وتُرضيه، والهوى يُصمُّه عما سوى الباطل ويُعميه؛ فهو في الدنيا كما قيل في ليلى:
عَدُوُّ لِمَنْ عَادَتْ وَسِلْمٌ لأهْلِهَا … وَمَنْ قَرَّبَتْ لَيْلىَ أَحَبَّ وَقَرَّبَا.
فمخالطة صاحب هذا القلب سُقْمٌ، ومعاشرته سُمٌّ، ومجالسته هلاك.
إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (1/ 12)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.