الوقفة الثانية : ثمرات الإيمان بالأسماء الحسنى ( 5 )

الخميس _5 _مارس _2020AH admin
الوقفة الثانية : ثمرات الإيمان بالأسماء الحسنى ( 5 )

تاسعاً: التلذذ بالعبادة:

وهذه من أعظم المنح الربانية، فالكثير من الناس يسمع عن هذه اللذة، ولا يعرف حقيقتها، ولم يجد طعمها، إنما حظه منها السماع فحسب.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن اللذة والفرحة والسرور، وطيب الوقت، والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله -سبحانه وتعالى-، وتوحيده، والإيمان به، وانفتاح الحقائق الإيمانية، والمعارف الربانية، والمعارف القرآنية.

ومن أعظم ما تحصل به هذه اللذة هو النظر في أسماء الله وصفاته، وأن نتعبد الله -عز وجل- بها، وأن نستحضر ذلك في كل عمل نزاوله، وفي كل عبادة نتعبد بها، فإذا أعطى العبد القليل من الصدقة يتذكر أن ربه شكور، يجزي الجزاء الكبير على العمل القليل، وأن الله لا يضيع عمله، فيكون ذلك سبباً لمزيد من الإقبال، والتلذذ بهذه الصدقة، والعمل الصالح الذي يعمله، فيجد حلاوة في قلبه لا يمكن أن توصف.

وهكذا من صلى، وتذكر حينما قام لله -عز وجل- بين يديه صافًّا قدميه، تذكر قيوميته، وأن الله قائم بذاته، وأن عباده لا يقومون إلا به -تبارك وتعالى.

فإذا كبر ورفع يديه استشعر أن الله أكبر من كل شيء، وشاهد كبرياء الله وعظمته وجلاله، وإذا قرأ دعاء الاستفتاح استشعر ما فيه من تنزيه المعبود عن كل نقص، وإذا استعاذ وبسمل التجأ بقلبه إلى الركن الركين، وتبرأ من كل حول، واعتصم بالله من عدوه، واستعان به لا بغيره، ثم إذا قرأ الفاتحة استشعر في أثناء ذلك ما فيها من استحقاق الله -عز وجل- لكل المحامد، استشعر ألوهيته، وربوبيته، ورحمته بخلقه وملكه لكل شيء، واستحضر أنه يناجي ربه، وأن ربه يجيبه على مناجاته.

ثم تذكر عظمة الله وعلوه، وتذكر خضوعه، وتذلّله بين يدي ربه بركوعه وسجوده، وانكساره وتأمل ذلك وهو يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، وإذا صنع ذلك في صلاته، كيف لا يصلي صلاة مودع؟ وكيف لا يتلذذ بصلاته وعبادته؟.

يقول شيخ الإسلام: فهذا باب واسع، فإن ما في القلب من معرفة الله ومحبته، وخشيته، وإخلاص الدين له، وخوفه، ورجائه، والتصديق بأخباره، وغير ذلك مما يتباين الناس فيه ويتفاضلون تفاضلاً عظيماً، ويقْوى ذلك كلما ازداد العبد تدبراً للقرآن، وفهماً ومعرفة بأسماء الله وصفاته وعظمته وتفقره إليه في عبادته، واشتغاله به، بحيث يجد اضطراره إلى أن يكون تعالى معبوده ومستغاثه أعظم من اضطراره إلى كل شيء سواه، كالأكل والشرب، فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه، ويأنس به، ويلتذ بذكره، ويستريح به، ولا حصول لهذا إلا بإعانة الله -عز وجل-.

شاركنا بتعليق


اثنان × واحد =




بدون تعليقات حتى الآن.