ثمرات الخشوع ج2

الخميس _16 _سبتمبر _2021AH admin
ثمرات الخشوع ج2

4 – الرابع: أن الخشوع يرد العبد إلى حكم العبودية، والكبر يرفعه عن هذا المقام، ولذلك كان الكبر لا يتناسب إطلاقاً مع عبودية القلب، ومع عبودية العبد، فالكبر كمال لله عز وجل أما المخلوق فكماله في الخشوع، والتواضع، والإخبات، فالعبد لو تُرك مع نفسه فإن فيه صفات مذمومة قبيحة تدعو إليها النفس من التعالي على الخلق، والأَشَر؛ فيخرج عن طوره، وأصله الذي خُلق له، ويثب على حق ربه من الكبرياء، والعظمة، فينازع ربه ذلك، وقد أمر العبد بالسجود – كما قال ابن القيم – رحمه الله – خضوعاً لعظمة ربه، وفاطره، وخشوعاً له، وتذللاً بين يديه، وانكساراً له، فيكون هذا الخشوع، والخضوع، والتذلل ردًّا له إلى حكم العبودية، فيتدارك بذلك ما حصل له من الهفوة، والغفلة، والإعراض الذي خرج به عن أصله، فتُمثَّل له حقيقة التراب الذي خلق منه، وهو يضع أشرف شيء منه، وأعلاه، وهو الوجه، وقد صار أعلاه أسفله خضوعاً بين يدي ربه الأعلى، وخشوعاً له، وتذللاً لعظمته، واستكانة لعزته مردداً: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، لذالك يقول مسروق لسعيد بن جبير: “ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب لله”.

وكان النبي ﷺ لا يتقي الأرض بشيء قصداً بل إذا اتفق له ذلك فعله، ولذلك سجد في الماء، والطين كما جاء في الصحيحين.

لم يكن يتكلف شيئاً دون جبهته، ووجهه إذا صلى على التراب، فلم يكن يضع رداءه ﷺ دون وجهه، وإذا صلى على الحصير لم يتكلف وضع وجهه على الأرض مباشرة من دون حصير.

5 – أما الأمر الخامس، والأخير من آثار الخشوع: فهو ما يحصل به من تفاضل الأعمال، وتفاوتها، فكم من الفرق بين اثنين كل منهما قائم في الصف يصلي، هذا خاشع، وهذا لم يخشع!.

فلا شك أن هذه الصلاة التي حصل بها هذا الخشوع أنها في غاية الكمال، ويؤجر عليها غاية الأجر، فالله – سبحانه، وتعالى – أحدٌ، عدل، يعدل بين عباده في الثواب، والجزاء، هذه سورة “قل هو الله أحد” أخبر النبي ﷺ أنها تعدل ثلث القرآن  وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : “إن هذه السورة مع ما فيها من الثواب، والأجر، والمنزلة إلا أن العبد قد يقرأ آية سواها، ويخشع فيها، فيكون ذلك أعظم من قراءته هذه السورة، بل يقول: “إن العبد قد يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، مع حضور القلب، واتصافه بمعانيها فيكون ذلك أفضل في حقه من قراءة سورة “قل هو الله أحد” مع الجهل، والغفلة، والناس متفاضلون في فهم هذه السورة، وما اشتملت عليه، كما أنهم متفاضلون في فهم سائر القرآن”.

شاركنا بتعليق


خمسة × واحد =




بدون تعليقات حتى الآن.