حكم دعاء الموتى

الخميس _26 _يوليو _2018AH admin
حكم دعاء الموتى

حكم دعاء الموتى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

يعتقد بعض المسلمين نفع بعض الموتى من الأنبياء والأولياء والصالحين وهذا الإعتقاد ليس وليد هذا العصر ، فقد وقع وظهر أثره منذ العصور الإسلامية الأولى نتيجة اختلاط الثقافات واندماج المسلمين مع أهل الملل الأخرى.

ولهذا الإعتقاد مظاهر ، لعل أبرزها مايلي :

1)   دعاء أهل القبور رجاء نفعهم أو خوف ضرهم ، فتجد الواحد منهم عاكفاً عند قبر السيد البدوي أو غيره رافعاً يديه وكله إجلال وهيبة!.

2)   الإستغاثة بهم .

والفرق بين الاستغاثة والدعاء أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب والدعاء أعم من الاستغاثة لأنه يكون من المكروب وغيره

واعلم أن الأصل في الأموات أنهم لا يسمعون نداء من ناداهم من الناس, ولا يستجيبون دعاء من دعاهم, ولا يتكلمون مع الأحياء من البشر،ولو كانوا أنبياء, بل انقطع عملهم بموتهم; لقول الله تعالى: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} وقوله: {وما أنت بمسمع من في القبور} وقوله: {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, وولد صالح يدعو له, وعلم ينتفع به} رواه مسلم في صحيحه.

ويستثنى من هذا الأصل ما ثبت بدليل صحيح, كسماع أهل القليب من الكفار كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب غزوة بدر, وكصلاته بالأنبياء ليلة الإسراء, وحديثه مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في السماوات حينما عرج به إليها,فيقتصر فيه على ما ورد.. ولا يقاس عليه غيره مما هو داخل في عموم الأصل; لأن بقاءه في الأصل أقوى من خروجه عنه بالقياس على خوارق العادات, علما بأن القياس على المستثنيات من الأصول ممنوع خاصة؛ إذا لم تعلم العلة, والعلة في هذه المسألة غير معروفة; لأنها من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا بالتوقيف من الشرع, ولم يثبت فيها توقيف فيما نعلم, فوجب الوقوف بها مع الأصل.

واعلم أن الاستغاثة تجوز في الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسية في قتال أو إدراك عدو أو سبع أو نحوه كقولهم : يا لزيد يا للمسلمين بحسب الأفعال الظاهرة.

وأما الإستغاثة بالقوة والتأثير أو في الأمور المعنوية من الشدائد كالمرض وخوف الغرق والضيق والفقر وطلب الرزق ونحوه فمن خصائص الله لا يطلب فيها غيره.

والاستغاثة بالأموات أو الغائبين شرك أكبر يخرج من فعل ذلك من ملة الإسلام،وقد دل على ذلك أدلة ، منها :

1)   قوله -سبحانه وتعالى : {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون}

2)   وقوله -عز وجل-: {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}

3)   قوله تعالى: ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون، إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) [ النحل:20-22] .

فاحتج سبحانه وتعالى، على : بطلان دعوتهم غيره، بأمور ؛ منها : أنهم ( لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ) فالمخلوق : لا يصلح أن يقصد بشيء، من خصائص الألهية، لا دعاء، ولا غيره، و ” الدعاء مخ العبادة ” .

الثاني : كون الذين يدعونهم من دون الله ( أموات غير أحياء ) والميت لا يقدر على شيء، فلا يسمع الداعي، ولا يستجيب ؛ ففيها معنى قوله تعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) [ فاطر:13-14]

والأمر : الثالث، في هذه الآية ، قوله : ( وما يشعرون أيان يبعثون ) ومن لا يدري متى يبعث، لا يصلح أن يدعى من دون الله، لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة ؛ ثم بين تعالى ما حقه على عباده، من إخلاص العبادة له، وأنه هو المألوه المعبود، دون كل من سواه، فقال : { إلهكم إله واحد } وهذا هو الدين الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } [ الأنبياء :25] . ففي هذه الآية : أربعة أمور، تبطل دعوة غير الله، وتبين ضلال من دعا غير الله.

وعليه فإن عقيدة أهل السنة أنه لا يدعى إلا الله، ولا يستغاث في الشدائد، وجلب الفوائد إلا به ، وليس لأحد من الخلق شيء من ذلك، لا الملائكة ولا الأنبياء، ولا الأولياء ولا الصالحين، ولا غيرهم، فلله حق، لا يكون لغيره، وحقه تعالى : إفراده بجميع أنواع العبادة، فلا تأله القلوب محبة وإجلالاً، وتعظيماً، وخوفاً، ورجاء، إلا الله، فهذه . هي : الحكمة الشرعية، الدينية، والأمر المقصود في إيجاد البرية .

قال الله تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريات : 56 ] ومعنى : يعبدون، يوحدون.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع قلوبنا على طاعته وتوحيده ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

شاركنا بتعليق


2 × 4 =




بدون تعليقات حتى الآن.