حياة القلب وإشراقه مادةُ كل خير فيه وموتَه وظلمتَه مادةُ كل شر فيه

الجمعة _23 _فبراير _2024AH admin
حياة القلب وإشراقه مادةُ كل خير فيه وموتَه وظلمتَه مادةُ كل شر فيه

أصلُ كلِّ خيرٍ وسعادة للعبد بل لكل حي ناطق: كمال حياته ونوره، فالحياة والنور مادة الخير كله، قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]، فجمع بين الأصلين: الحياة، والنور، فبالحياة تكون قوَّته، وسمعه، وبصره، وحياؤه، وعِفّته، وشجاعته، وصبره، وسائر أخلاقه الفاضلة، ومحبته للحسن، وبغضه للقبيح، فكلما قويت حياته قويت فيه هذه الصفات، وإذا ضعفت حياته ضعفت فيه هذه الصفات. وحياؤه من القبائح هو بحسب حياته في نفسه، فالقلب الصحيح الحي إذا عُرضت عليه القبائح؛ نَفَر منها بطبعه وأبغضها، ولم يلتفت إليها، بخلاف القلب الميت، فإنه لا يفرّق بين الحسن والقبيح كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر .

وكذلك القلبُ المريضُ بالشهوة، فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرِض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه.

وكذلك إذا قوي نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه، فاستبان حُسْنَ الحَسَن بنوره، وَآثَرَهُ بحياته، وكذلك قُبْحُ القبيح.

وقد ذكر سبحانه هذين الأصلين في مواضع من كتابه، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]، فجمع بين الروح الذي يحصل به الحياة، والنور الذي يحصل به الإضاءة والإشراق، وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله متضمن للأمرين، فهو روح تحيا به القلوب، ونور تستضيء وتشرق به.

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان 29/1.

شاركنا بتعليق


11 − 8 =




بدون تعليقات حتى الآن.