خطأ في مفهوم الوسطية
الخميس _21 _يونيو _2018AH adminخطأ في مفهوم الوسطية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فمن الأخطاء العقدية أن بعض الناس إذا رأى المستمسك بدينه، المحافظَ على السنة قال له : لا تشدد وكن وسطاً، وهذا من المفاهيم الخاطئة؛ لأن مؤدَّى ذلك نقد منهج النبي صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة.
وهنا جملة أمور:-
أولاً : إن الوسط ورد في القرآن في قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: من الآية143]
والمعنى : أن أتباع محمد – صلى الله عليه وسلم- هم وسط بين الأمم كاليهود والنصارى وغيرهم.
كما ورد الوسط أيضاً في منهاج أئمة السنة والجماعة، وذلك حينما يقولون أهل السنة وسطٌ بين الطوائف المنحرفة، والمبتدعة .
فمثلاً: في باب محبةِ أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هم وسط بين الروافض والنواصب ، وأيضاً في باب الإيمان ومسائل الأحكام هم وسط بين الوعيدية والمرجئة ، بين المتشددين منهم الغالين والمفرطين المقصرين ، وهم وسط في باب القدر بين القدرية والجبرية . وهكذا فهم وسط بين الطوائف جميعاً .
ثانياً : أن المتمسكَ بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مستمسك بالوسطية، لأن سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليس فيها غلواً ولا تقصيراً.
ثالثاً : أما ما يرد عند عامة الناس ونحوهم من قولهم : كن وسطاً في دينك ، فهذا فيه تفصيل ، فإن قُصد به ترك السنن وترك التزامها في العبادات والمعاملات واللباس وغيرها، فلا شك أن هذا باطل ؛ لأن الحق إنما هو الالتزام بالسنة .
أما إن وجّه إلى من غلا في السنَّة وجاوز الحد فيها أو قّصَّر ، وقيل له : كن وسطاً، فهذا صحيح، لكن له أمثلة خاصة، كمن قال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: لا أتزوج النساء، حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم ولأمثالهم : “أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي، وأرقد ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني” [أخرجه البخاري: ( 5063)، ومسلم: ( 1401)].
ويقابل هؤلاء أولئك الذين يتركون جميع النوافل ، نوافل الصلاة والصيام والزكاة والأذكار، ويؤدِّي ذلك إلى تقصيرهم في الفرائض وغيرها ، هذا أيضاً مقصّر .
فالأول قد أفرط في جانب، والثاني قد فرّط وأهمل وقصّر ، والوسط هو الصحيح.
والخلاصة : أن هناك مفهوم خاطئ في مصطلح الوسطيَّة وهذا المفهوم الخاطئ نطبقه أحياناً على بعض الناس بمنهج خاطئ، وذلك حينما نأتي إلى من التزم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحيته، وفي لباسه، وفي صلاته، وفي سائر أموره، فنأتي ونقول له: لا تشدد وكن وسطاً ، فهذا مفهوم خاطئ .
وهذا طرف من الخلل في هذا المفهوم وإلا فهو باب واسع والخلل فيه ظاهر، ولعل الله أن ييسِّر طرقه لاحقاً.
اللهم علمنا ماينفعنا واجعلنا هداة مهتدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.