شبهة : عدم عبادة أصنام وأحجار بذاتها إلا لأنها رموز إلى أقوام ورجال صالحين

الأحد _24 _مايو _2015AH admin
شبهة : عدم عبادة أصنام وأحجار بذاتها إلا لأنها رموز إلى أقوام ورجال صالحين

شبهة

عدم عبادة أصنام وأحجار بذاتها إلا لأنها رموز إلى أقوام ورجال صالحين

 

وانتبه إلى هذه الشبهة الثانية وهي ناشئة من الجهل بالشرك! فلم يعرفه ولم يحققه، وذلك أن أولئك المشركين في الجاهلية ما عبدوا أصناماً أحجاراً بذاتها إلا لأنها رموز إلى أقوام ورجال صالحين؛ وليست هي المقصودة بالتعظيم والعبادة لذاتها، بل لكونها رموزاً لأولئك؟!

 

كما قال عز وجل: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ فهؤلاء المبررون من الملائكة والأنبياء والصالحين هذا شأنهم ع الله يبتغون رضوانه.. كما سيأتي، ومع هذا ما عذرهم ذلك، وهذا من جهلهم بما هو الشرك ظنوا أن الشرك فقط هو عبادة الاحجار وهذا ظن فاسد، بل الشرك كل من جعل مع الله أحدًا: ملك مقرب عظيم أو ذليل صغير أو كبير، أو جليل، أو حقير.

 

وهذه الشبهة أصل كبير لدى المخالفين من الروافض والقبورية والمتكلمين الذين ظنوا أن الشرك المخرج من ملة الإسلام هو في عبادة الأصنام والحجارة وفي اعتقاد التأثير في الصالحين مع الله، أما اتخاذهم إلى الله وسائل ووسائط تقرب إليه فهو التوحيد عندهم ولدى أمثالهم، في تغافل وتجاهل عظيمين لقوله تعالى في أول سورة الزمر: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾.

 

قال رحمه الله (فإنه إذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله، وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الشفاعة، ولكن أراد أن يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكر فاذكر له أن الكفار منهم من يدعوا الأصنام، ومنهم من يدعو الأولياء الذين قال فيهم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ﴾ [الإسراء: 57] الآية، ويدعون عيسى بن مريم وأمه وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [المائدة] واذكر له قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴾ [سبأ] وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة] فقل له: أعرف أن الله كفر من قصد الأصنام، وكفَّر أيضاً من قصد الصالحين وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم).

 

يعني أولئك المدعوين أي الذين يدعون المشركين من دون الله نم الأنبياء ومن الملائكة ومن الجن ومن الصالحين يبتغون إلى ربهم الوسيلة – وهي التقرب والقربى – أيهم أقرب! ولهذا يوم القيامة يتبرؤون من دعوة هؤلاء كما تبرأ عيسى – عليه الصلاة والسلام – ممن اتخذه وأمه إلهين، كما تتبرأ الملائكة ممن عبدهم ﴿ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴾ [سبأ: 41]، (وقل له عرفت أن الله كفَّر من قصد الأصنام وكفَّر أيضاً من قصد الصالحين) فهم ظنوا أن التكفير لمن قصد الحجارة ومعلوم أن الأصنام ما قُصدت لذاتها ولكن لأنها رموز عن أولئك الصالحين، ولهذا حرم التصوير لأنه وسيلة إلى الشرك.

 

ولهذا فالتصوير جاء الوعيد والتشديد في تحريمه لأنه وسيلة وذريعة إلى الشرك، وبه حصل أول شرك في بني آدم سواءً نحتاً أو رسماً باليد الذي يُسمى الآن: (الفن الشتكيلي) أو تصوير بالكاميرات والآلات ثم تُعظم في المجالس والمنتديات والنوادي وغيرها. فإن هذا وإن لم يعبده ويعتقد فيه صاحبه في الوقت الحاضر، لكن يكون ذريعة إلى هذا التعليم.

 

قال رحمه الله: (فإن قال: الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر، لا أريد إلا منه والصالحون ليس لهم من الأمر شيء، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم فالجواب: أن هذا للكفار سواءً بسواء واقرأ عليه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3] وقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [يونس: 18].

 

"المقاصد الساميات في كشف الشبهات"





 

شاركنا بتعليق


أربعة × 2 =




بدون تعليقات حتى الآن.