شيخ الإسلام ابن تيمية: حكمة الرب في مخلوقاته قد أبهرت العقلاء:

الثلاثاء _5 _أبريل _2016AH admin

ذكر شيخ الإسلام في معرض كلامه في بيان حكمة الله عز وجل:

أن الإحكام والإتقان إنّما هو أن يضع كلّ شيء في محلّه المناسب؛ لتحصل به الحكمة المقصودة منه … وحكمة الرب في جميع المخلوقات باهرة، قد بهرت العقلاء، واعترف بها جميع الطوائف…

وذلك مثلما في خلق الإنسان. وأدنى ذلك أنّ العين، والفم، والأذن فيها مياه ورطوبة؛ فماء العين مالح، وماء الفم عذب، وماء الأذن مُرّ.

فإنّ العين شحمة، والملوحة تحفظها أن تذوب. وهذه أيضًا حكمة تمليح ماء البحر؛ فإن له سببًا وحكمةً؛ فسببه سبوخة أرضه وملوحتها؛ فهي توجب ملوحة مائه؛ وحكمتها أنّها تمنع نتن الماء بما يموت فيه من الحيتان العظيمة؛ فإنّه لولا ملوحة مائه لأنتن، ولو أنتن لفسد الهواء لملاقاته له، فهلك الناس بفساده، وإذا وقع أحيانًا، قتل خلق كثير فإنّه يُفسد الهواء حتى يموت بسبب ذلك خلق كثير.

وماء الأذن مُرّ؛ ليمنع دخول الهوام إلى الأذن.

وماء الفم عذب؛ ليطيب به ما يأكله  فلو جعل الله ماء الفم مرًا، لفسد الطعام على أكلته، ولو جعل ماء الأذن عذبًا، لدخل الذباب في الدماغ.

ونظائر هذا كثيرة، فلا يجوز أن يفعل بخلاف ذلك مثل أن يجعل العينين في القدمين، ويجعل الوجه خشنًا غليظًا، كالقدمين؛ فإنّه كان يُفسد مصلحة النظر والمشي.

بل من الحكمة أنه جعل العينين في أعلى البدن، في مقدمه ليرى بها ما أمامه، فيدري أين يمشي.

وجعل الرجل خشنة تصبر على ما تلاقيه من التراب وغيره.

والعين لطيفة يفسدها أدنى شيء، فجعل لها أجفانًا تغطيها، وأهدابًا ([1]).



([1])النبوات لابن تيمية (2/ 921 ـ 923) بتصرف.

 

شاركنا بتعليق


ثمانية + خمسة عشر =




بدون تعليقات حتى الآن.