صور للكرم والجود

الخميس _20 _مايو _2021AH admin
صور للكرم والجود

مرَّة أخرى مع خُلق الجود والكرم، ذلكم الخُلق العظيم الذي نحتاجه في كلِّ وقت وحين، وحديثنا اليوم عن مَظاهر الكرم وفوائده.

أولاً: صور للجود والكرم:

للكرم والجود صور عديدة، ومجالات متنوعة كثيرة، فيها يتنافس المتنافسون، ويجتهد المجتهدون، كلٌّ على حسب طاقته واستطاعته، ومن صور الجود والكرم:

1– بَذْل المسلم وعطاؤه من مال الله الذي آتاه الله إيَّاه وأنعم به عليه من كل ما ينتفع به المرء؛ من مأكلٍ أو مشرب أو ملبس، أو مسكن أو دواء أو غير ذلك من أنواع الخير والبرِّ والإحسان، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ النَّاس أحب إلى الله؟ وأيُّ الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ النَّاس إلى الله تعالى أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله تعالى سرورٌ تُدخِله على مسلم، أو تكشِف عنه كُربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأَن أمشي مع أخٍ في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد المدينة – شهرًا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورتَه، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبَه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يتهيَّأ له أثبت الله قدمَه يوم تزول الأقدام))؛ أخرجه الطبراني في معجمه، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسَّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

2– بذل المرء وعطاؤه من علمه ومعرفته؛ فالكريم من لا يَكتم علمًا ولا معرفة، بل يُعَلِّم الناسَ ويدلهم على الخير، والبخيل هو الذي يَحتفظ بمعارفه وعلومه لنَفسه، بُخلاً ورغبة في الاستئثار والانفراد، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور من تَبِعه، لا يَنقُص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا يَنقُص ذلك من آثامهم شيئًا)).

وروى الترمذيُّ في سننه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ذُكِر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجُلان أحدُهما عابد والآخَر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَضل العالِم على العابِد كفضلي على أدناكم))، ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النَّملة في جحرها وحتى الحوت – ليُصَلُّون على مُعلِّم الناسِ الخيرَ)).

3- بَذل النصيحة لمن هو في حاجة إليها؛ فالكريم لا يَبخل على إخوانه بأي نصيحة تفيدهم وتنفعهم في دينهم أو دنياهم، وقد عدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من حقوق المسلم على أخيه أن ينصحه إذا طلب منه النَّصيحة؛ ((… وإذا استنصَحَك، فانصَحْ له…))، روى مسلم في صحيحه عن تميم الدَّاري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدِّينُ النَّصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم)).

4– بذل المرء وعطاؤه من أخلاقه وشِيَمه؛ فالكريم يعطي من مكانته وجاهه، ويعطي من عَطفه وحنانه، ويعطي من طلاقة وَجْهه وابتسامة ثغره وحُلو كلامه، ويعطي من وقته وراحتِه، ويعطي من سَمعه وإصغائه، ويعطي من حبِّه ورحمته، ويعطي من دعائه وشفاعته، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أكمَل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا، وخيركم خيركم لنسائهم))؛ أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

5– بذل العبد وعطاؤه من طاقات جسده وقوَّته؛ فالجواد يعطي من معونته وخدماته وجُهده، يمشي في مصالِح النَّاس، ويَتعب في مساعدتهم، ويَسهر من أجل معونتهم، ويسعى في خدمتهم…؛ ففي الصَّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ سُلامَى من النَّاس عليه صدَقة كلَّ يوم تطلع فيه الشمس؛ تعدِل بين الاثنين صدَقة، وتعين الرجلَ في دابَّته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعَه صدَقة، والكلمة الطيِّبة صدقة، وكل خطوة تَمشيها إلى الصلاة صدَقة، وتميط الأذى عن الطَّريق صدَقة)).

6- إكرام الوالدين ببرِّهما والإحسان إليهما بحسن القول والفعل والخُلق؛ فقد قال تعالى في وصيته لعباده: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

7- إكرام الأهل والأقارب؛ فمِن أحق النَّاس بجودك وكرمك أهلُك وقرابتك، بإكرامهم تكون الصلة ويكون التماسك الأُسري، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقتَه في سبيل الله، ودينار أنفقتَه في رَقبة، ودينار تصدَّقتَ به على مسكين، ودينار أنفقتَه على أهلك، أعظمُها أجرًا: الذي أنفقتَه على أهلك))؛ لأنَّ النَّفقة على القريب صِلَة وصدَقة.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُكم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))؛ أخرجه الترمذيُّ وابن حبان والبيهقي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

8- إكرام الجار والضيف؛ فالكريم مَن يُكرم جارَه، والكريم من يُكرم ضيفَه ويكرم زائرَه، فذاك دليل على إيمان العبد بالله واليوم الآخر، فقد روى مالك في الموطأ وعنه البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما عن أبي شريح العدوي رضي الله عنه قال: سمعَتْ أذُناي، وأبصرَتْ عيناي، حين تكلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جارَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفَه جائزته))، قال: وما جائزتُه يا رسول الله؟ قال: ((يوم وليلة، والضِّيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدَقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)).

 

شاركنا بتعليق


14 − 10 =




بدون تعليقات حتى الآن.