غض البصر

الأحد _4 _ديسمبر _2016AH admin

{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30].

"يَا عَلِيُّ، لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ"([1]).

إطلاق البصر في المحرمات يفسد القلب ويُذهب مادة حياته، ومنها محبة الله وخوفه ورجائه، فمن أطلق بصره في المحرمات سلبه الله حلاوة الايمان؛  لأن الجزاء من جنس العمل ، فمن طلب اللذة الحرام حرمه الله اللذة الحلال.

ويا من تنظر إلى الحرام لا تظن أن العقوبة مجرد السيئات، لا، بل معها فساد القلب وغفلته وحجابه.

يا من تطلب حلاوة القرآن ولذة الذكر ومحبة الله وخشيته وقيام الليل وصوم النهار وذرف الدموع وسكينة الإيمان واليقين وغيرها من مراقي العبودية: ثق أنك لن ُتعطى ذلك وقد أطلقت بصرك في الحرام، وهذا الحرمان يُخشى أن يلحقه الحرمان الأكبر وهو الحرمان من رؤية وجه الرب الكريم { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22].

وقد ذكر الشيخ  الشنقيطي: "أن العلماء أجمعوا على أنه لم ينزل الله واعظًا من السماء إلى الأرض ولا زاجرًا أكْبَر مِنْ وَاعِظِ المُرَاقَبَة"([2])

فيا من خلوت بنفسك ، وأطلقت بصرك في الحرام ، اعلم أن خوفك من الريح إذا حركت الباب أعظم من الذنب الذي أنت فيه.

واعلم أن ذنوب الخلوات سبب للانتكاسات وعبادة الخلوات سبب للثبات.

ويا من ترجو الله بعمل الصالحات، ألا تخاف  من حبوطها إذا انتهكت المحرمات بالخلوات؟

 أما سمعت  قول نبيك صلى الله عليه وسلم:" لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي، يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، هَبَاءً مَنْثُورًا. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا"([3]).

في غض البصر: نور الوجه ونضارته ، والفراسة ، وحياة القلب وتعلقه بربه ، ومحبة الصلاة ، والفرح بالخيرات ، وحفظ الله ، والثبات على الحق.

اللهم اجعلنا ممن استحفظك فحفظته، واستهداك فهديته، وسألك فأعطيته، واسترحمك فرحمته، وآوى إليك فآويته، يا ولي المؤمنين ومغيث الملهوفين وناصر المستضعفين.

وكتبه المشرف العام فضيلة الشيخ: عبد الله السلوم



([1])أخرجه أحمد 5/351 (23362) ، و"أبو داود"( 2149) ، والتِّرْمِذِيّ"( 2777) من حديث  ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ مرفوعا،  وقال الأرناؤوط" حسن لغيره".

([2])"العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (4/ 266).

([3])أخرجه ابن ماجه (4245) وصححه البوصيري، والألباني في الصحيحة( 505).

 

شاركنا بتعليق


تسعة عشر + 6 =




بدون تعليقات حتى الآن.