فضل الاخلاص وأهميته

الثلاثاء _2 _يونيو _2015AH admin
فضل الاخلاص وأهميته

فضل الإخلاص وأهميته

(من مقدمة كتاب شرح العقيدة الواسطية)

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم، واقتفى أثرهم، وأحبهم، وذب عنهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

فإن العناية بالعقيدة، وصلاحها، وسلامتها من أهم الأمور وأولاها؛ إذ بصلاح العقيدة يكون صلاح العمل، ولا يتأتى ذلك إلا بالعلم النافع بها.

 

فأستغيث الله عز وجل بهذه العقيدة (عقيدة الواسطية) شرحاً، وتوضيحاً، وتدليلاً، وتعليلاً، وتصويراً، وتحليلاً لألفاظها راجياً من ربي عز وجل الرضى، والقبول، والتوفيق، والدوام.

 

وقبل البداية بهذه العقيدة لا بد من التنبيه على مسألتين:

المسألة الأولى: فضل الإخلاص وأهميته:

ما نحتاجه جميعاً في مسائل العلم عموماً وليس فقط في دراسة العقيدة، أو دراسة هذه المتون، وإنما في مدارسة العلم عموماً.

 

إن أعظم ما يحتاج إليه طالب العلم – بل المسلم – أمر تجريد النية، وتحقيقها لرب البرية، فلا يكون في مراده، ولا في مقصده، ولا بين جوانح قلبه إلا تحصيل رضا ربه بهذا العلم، وهذا هو معنى الإخلاص، الذي يُؤَكَّد عليه، ويُنبه عنه، ويُؤَصَّل في ديننا، ولا سيما في طريق العلم وتحصيله؛ لأن العلم يتعبد به الطالب رب العالمين، والنية عبادة طويلة، ولأجل ذلك يكون التأكيد، والتنكيت على أمر النية في العلم من آكد الأمور، وقد يعتري الإنسان في تحصيلها وفي تعبد ربه بها ما يعتريه من غوائل النفوس، ومقاصدها، ومثبِّطَاتها، ومُهَبِّطاتها.

 

ولهذا كان العلماء يُعنون بأمر النية في أول مجالس العلم، فالنووي رحمه الله (في أربعينه) بدأ بما بدأ به البخاري رحمه الله في أول صحيحه لما قال: " بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب: بدء الوحي. حدثنا الحميدي أبو بكر عبدالله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان (ابن عيينة) قال: حدثنا يحيى بن سعيد (الأنصاري) قال: سمعت محمد بن إبراهيم التيمي قال: حدثنا علقمة بن وقاص الليثي، قال: سمعت أمير المؤمنين أبا حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحدث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ )) [1].

 

نعم يا طالب العلم، نعم يا أيها الساعي إلى مجالس العلم وتحصيله، وأنت يا أيها المحصل هذه المعلومات! لا بد أن تكون النية من أُولَى أولويات، وأهم مهماتك، فتجردها لله ليكون سعيك مشكوراً، ووقتك محتسباً عند الله تعالى، وهذا الأمر كما نوصي به في بدء المجالس نوصي به في أثنائه ودائماً، شأن النية في العلم لا بد أن يكون الشأن المرتبط، فإذا ضعفت النية، أو ضعفت الإرادة، أو داخلها ما داخلها من الدواخل فتكون عندئذٍ في هذه المحطات تصفية وتنقية لها، فإن رأيت من نفسك أن النية منصرفة لغير الله إما رياء سمعة، أو حب ظهور على زملائك وأصحابك، أو لتنتسب أنك انتسبت إلى مجالس العلم، أو درست العقيدة، أو انتسبت إلى عقيدة السلف، وكان هذا مبلغ همك فيجب عندئذ تصحح هذا المقصد، وتكون النية في العلم نية صالحة، كما سُئِلَ عن ذلك الإمام أحمد عن مؤدَّى تصحيح النية في العلم، فقال: أن يبتغي رفع الجهل عن نفسه فيعبد ربه على بصيرة، وأعظم ما عُبِدَ اللهُ به هو أمر العقيدة مما ينعقد عليه قلبك، ولترفع الجهل عن غيرك فتكون بذلك نافعاً نفسك، ونافعاً غيرك.

 

المسألة الثانية: تتعلق بمتن العقيدة الواسطية، وهو من أصول المتون في هذا الفن الشريف، فن العقيدة باعتقاد السلف.

والعقيدة الواسطة – كما سيأتي في التنكيت على أهميتها، وسببب تأليفها، ومتى أُلِّفت، والمناظرة عليها والتنويه عن بعض شروحها – أوصي إخواني وطلبة العلم بأن تُحْفَظ ألفاظها في الصدور، وتُفهم معانيها، ومقاصدها في القلوب؛ لأن هذه العقيدة خلاصة ما دل عليه الوحيان الشريفان: كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. في هذا الأصل العظيم، أصل الإيمان بالله تعالى، فحفظها أمر مُتَأَكِّد، وما كان أهل العلم يعدّون طالب العلم إلا بحفظه لمثل هذه المتون، وهي كذلك أصل في باب أسماء الله وصفاته، مُتَلَقَّاً بالقبول عند أهل السنة والجماعة كما سيأتي التنويه عليه…





 

شاركنا بتعليق


تسعة عشر − 7 =




بدون تعليقات حتى الآن.