فوائد الجود والكرم “ج2”

الخميس _3 _يونيو _2021AH admin
فوائد الجود والكرم “ج2”

3- زرع المحبة والمودة بين الناس:

فبالعطاء والسَّخاء تصفو النفوسُ من أمراض الحقد والكراهية، وتمتلئ بالمودَّة والمحبَّة؛ فإنَّ النفوس مجبولة على محبَّة أهل الكرَم والسَّخاء والإحسان، وعلى بُغض أهل البخل والشحِّ والإساءة.

روى مسلم في صحيحه عن ابن شهاب قال: “غزا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غزوةَ الفتح؛ فتح مكَّة، ثمَّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحُنَيْن، فنصر الله دينَه والمسلمين، وأعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ صفوانَ بن أمية مائة من النَّعَم ثمَّ مائة ثم مائة، قال ابن شهاب: حدَّثني سعيد بن المسيب أنَّ صفوان قال: والله لقد أعطاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنَّه لأبغضُ الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنَّه لأحبُّ الناس إليَّ”.

فانظر كيف يتحول حال القلب بالعطاء والسَّخاء من بَغضاء إلى محبَّة، ومن عداوة إلى صداقة.

4- سبب في بركة المال ونموِّه وزيادته:

وَعْدٌ من الله الذي لا يُخلف وعدَه أنَّ مَن شَكر الله تعالى على نِعمه فوظفها في طاعته، زاده الله تعالى من فضله وجوده وإحسانه، قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

فمن الخطأ وسوء الظنِّ أن يظنَّ المرءُ أن الكرم والسَّخاء يَنقُص الثروةَ ويُقرِّب من الفقر، فهذا من وساوس الشيطان التي يلقيها في نفوس البخلاء، قال تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، والحق أنَّ الكرم سبيل السَّعَة والغنى، وأنَّ السخاء سبب النَّماء، وأن الذي يجعل يديه مَمرًّا لعطاء الله يظلُّ مبسوطَ اليد بالنِّعمة، مكفولَ اليوم والغد بالعطاء الدَّائم من رحمة الله وكرمه وإحسانه.

فليَعلمْ كلُّ مُنفِق كريم أنَّ ما أنفقه في سبيل الله باقٍ مدَّخَرٌ له إلى يوم القيامة؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنَّهم ذبحوا شاةً، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ما بقي منها؟))، قالت: ما بقي منها إلاَّ كتفُها، قال: ((بقي كلُّها غيرَ كتفها))؛ أخرجه الترمذيُّ وقال: هذا حديث صحيح، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول العبد: مالي مالي، إنَّما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى – أي ادَّخره لنفسِه في الآخرة – وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتارِكُه للناس)).

وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أيُّكم مالُ وارثِه أحَبُّ إليه من مالِه؟))، قالوا: يا رسول الله، ما مِنَّا أحد إلا مالُه أحبُّ إليه، قال: ((فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالُ وارثه ما أخَّر)).

فما المالُ إلا ظلٌّ زائل، وعارِية مسترجَعة، انتقَل إلينا مِن غيرنا، وسينتقل منَّا إلى غيرنا، فلنتزوَّد منه ليومٍ يقف فيه العبادُ بين يدَي الله تعالى حفاة عراة، من غير مال ولا جاه، كما خُلقوا أول مرة، لا ينفعهم إلاَّ ما قدَّموه بين أيديهم من صالح الأعمال، قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [الأنعام: 94].

 

شاركنا بتعليق


عشرين − عشرة =




بدون تعليقات حتى الآن.