كيف تعرض الفتن على القلوب؟
الخميس _11 _يناير _2024AH adminقال حُذيفة بن اليمان: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلىَ القلُوبِ كعَرْض الحصيرِ عُودًا عُودًا، فأَيُّ قَلْبٍ أُشرِبَها نُكِتَتْ فِيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْب أنْكَرهَا نُكِتَتْ فِيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتّى تَعُودَ القُلوبُ عَلىَ قَلْبين: قَلْبٍ أَسْوَد مُرْبَادًّا كالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعْرِفُ معرُوفًا وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا؛ إِلَّا مَا أُشْرِبَ منْ هَوَاهُ، وَقلب أبْيضٌ مثل الصفا، لا تضرُّ فِتْنةٌ مَا دَامَتِ السَّماواتُ وَالأرْضُ”.
فشبَّه عرض الفتن على القلوب شيئًا فشيئًا؛ كعرض عيدانِ الحصير – وهي طاقاتها – شيئًا فشيئًا، وقسَّم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين:
قلب إذا عُرضت عليه فتنة أُشْرِبها، كما يشرب السِّفِنْج الماء، فتُنكَت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يُشرب كل فتنة تعرض عليه، حتى يسودّ وينتكس، وهو معنى قوله: “كالكوز مُجَخِّيًا”؛ أي مكبوبًا منكوسًا، فإذا اسودَّ وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان إلى الهلاك:
أحدهما: اشتباه المعروف عليه با لمنكر، فلا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، وربما استحكم فيه هذا المرض، حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلًا والباطل حقًّا.
الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وانقياده للهوى واتباعه له.
وقلب أبيض، قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وكرهَها، فازداد نوره وإشراقه وقوَّته.
والفتن التي تُعرَض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، وفتن الغي والضلال، وفتن المعاصي والبدع، وفتن الظلم والجهل؛ فالأولى توجب فساد القصد والإرادة، والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد.
إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عالم الفوائد (1/ 15)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.