كيف يحاسب العبد نفسه؟

الجمعة _10 _يناير _2025AH admin
كيف يحاسب العبد نفسه؟

وجِمَاع ذلك: أن يحاسب نفسه أولًا على الفرائض، فإن تذكَّر فيها نقصًا تداركه، إما بقضاء أو إصلاح،

ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية،

ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خُلِق له تداركه بالذِّكْر والإقبال على الله، ثم يحاسبها

بما تكلم به، أو مشت إليه رجلاه، أو بطشته يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردتِ بهذا؟ ولمن فعلتيه؟ وعلى

أي وجه فعلتيه؟ ويعلم أنه لابد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وديوان: كيف فعلته؟

فالأول: سؤال عن الإخلاص، والثاني: سؤال عن المتابعة، قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢، ٩٣]، وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ

بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: ٦، ٧]، وقال تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: ٨].

فإذا سُئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟

قال مقاتل: «يقول تعالى: أخذنا ميثاقهم؛ لكي يسأل الله الصادقين ــ يعني به النبيين ــ عن تبليغ الرسالة».

وقال مجاهد: «يسأل المبلِّغين المؤدِّين عن الرسل»، يعني: هل بلَّغوا عنهم؟ كما يسأل الرسلَ: هل بلَّغوا عن الله؟

والتحقيق: أن الآية تتناول هذا وهذا، فالصادقون هم الرسل والمبلغون عنهم، فيسأل الرسل عن تبليغ رسالاته،

ويسأل المبلِّغين عنهم عن تبليغ ما بلَّغتهم الرسل، ثم يسأل الذين بَلَغتهم الرسالة: ماذا أجابوا المرسلين؟

 كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٦٥].

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ط عطاءات العلم ص140.

شاركنا بتعليق


2 × 4 =




بدون تعليقات حتى الآن.