لا سعادة للقلب إلا بعبادة الله
الجمعة _8 _مارس _2024AH adminالباب السادس
أنه لا سعادة للقلب ولا لذةَ ولا نعيمَ ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغاية مطلوبه، وأحب إليه من كل ما سواه
معلومٌ أن كل حيٍّ سوى الله سبحانه مِن ملَك أو إنس أو جن أو حيوان؛ فهو فقير إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ولا يتم له إلا بتصوره للنافع والضار، والمنفعة من جنس النعيم واللذة، والمضرة من جنس الألم والعذاب.
فلا بد له من أمرين: أحدهما: هو المحبوب المطلوب الذي ينتفع به، ويلتذُّ بإدراكه، والثاني: المُعِين الموصل، المحصّل لذلك المقصود. وبإزاء ذلك أمران آخران: أحدهما: مكروه بغيض ضارٌّ، والثاني: مُعين دافع له عنه. فهذه أربعة أشياء:
أحدها: أمر هو محبوب مطلوب الوجود.
الثاني: أمر مكروه مطلوب العدم.
الثالث: الوسيلة إلى حصول المحبوب.
الرابع: الوسيلة إلى دفع المكروه.
فهذه الأمور الأربعة ضرورية للعبد، بل ولكل حيوان، لا يقوم وجوده وصلاحه إلا بها.
فإذا تقرر ذلك، فالله تعالى هو الذي يجب أن يكون هو المقصود المدعوَّ المطلوب، الذي يراد وجهُه، ويُبتغَى قُرْبُه، ويُطلَب رضاه، وهو المُعين على حصول ذلك. وعبودية ما سواه والالتفات إليه والتعلق به هو المكروه الضار، وهو المُعين على دفعه.
فهو سبحانه الجامع لهذه الأمور الأربعة دون ما سواه؛ فهو المعبود المحبوب المراد، وهو المعين لعبده على وصوله إليه وعبادته له، والمكروه البغيض هو بمشيئته وقدرته، وهو المعين لعبده على دفعه عنه، كما قال أعرف الخلق به: «أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك» ، وقال: «اللهم إني أسلمتُ نفسي إليك، ووجّهت وجْهي إليك، وفوّضت أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك» ؛ فمنه المنجى، وإليه الملجأ، وبه الاستعاذة من شر ما هو كائن بمشيئته وقدرته، فالإعاذة فعله، والمستعاذ منه فعله أو مفعوله الذي خَلَقَه بمشيئته.
إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان 1/40.
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.