ما الذي أوقع عباد القبور في الافتتان بها ج2

الأثنين _3 _نوفمبر _2025AH admin
ما الذي أوقع عباد القبور في الافتتان بها ج2

«ومنها: حكايات حُكِيَتْ لهم عن تلك القبور: أن فلانًا استغاث بالقبر الفلاني في شِدة، فخلص منها،

وفلان دعاه أو دعا به في حاجة، فقُضِيَتْ له، وفلان نزل به ضُرٌّ فاسترجى صاحبَ ذلك القبر، فكُشِفَ ضرُّه.
وعند السّدنة والمقابرية من ذلك شيء كثير يطول ذكره، وهم من أكذب خلق الله على الأحياء

والأموات، والنفوسُ مُولَعةٌ بقضاء حوائجها، وإزالة ضروراتها، وتسمع بأن قبر فلان تِريْاق مُجرّب،

والشيطان له تلطُّفٌ في الدعوة، فيدعوهم أولًا إلى الدعاء عنده، فيدعو العبدُ عنده بحُرْقَةٍ

وانكسار وذِلّة، فيجيب الله دعوته لما قام بقلبه لا لأجل القبر؛ فإنه لو دعاه كذلك في الحانة

والخمارة والحمام والسوق أجابه، فيظن الجاهل أن للقبر تأثيرًا في إجابة تلك الدعوة، والله سبحانه

يجيب دعوة المضطرِّ ولو كان كافرًا، وقد قال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ

رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20]، وقد قال الخليل: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}،

فقال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126].
فليس كلُّ من أجاب الله دعاءه يكون راضيًا عنه، ولا محبًّا له، ولا راضيًا بفعله، فإنه يجيب البَرّ والفاجر،

والمؤمن والكافر. وكثير من الناس يدعو دعاءً يَعْتدي فيه، أو يُشرك في دعائه، أو يكون مما لا يجوز

أن يُسأل، فيحصل له ذلك أو بعضه، فيظن أن عمله صالح مُرضٍ لله، ويكون بمنزلة من أُمْلِيَ له، وأُمِدّ

بالمال والبنين، وهو يظن أن الله يُسارع له في الخيرات، وقد قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا

عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 44].

فالدعاء قد يكون عبادة، فيثاب عليه الداعي، وقد يكون دعاءَ مسألةٍ تُقضى به حاجته، ويكون مضرةً عليه،

إما أن يعاقب بما يحصل له، أو تنقص به درجته، فتُقضى حاجتُه، ويعاقبه على ما جرى عليه من إضاعة حقوقه، وارتكاب حدوده.»

«إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (1/ 388 ط عطاءات العلم):

شاركنا بتعليق


خمسة + تسعة عشر =




بدون تعليقات حتى الآن.