من مكايد الشيطان لابن آدم ج4

الخميس _3 _أبريل _2025AH admin
من مكايد الشيطان لابن آدم ج4

ومن مكايده: أنه يسحر العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يَسْلَم من سحره إلا من شاء الله، فيزيّن له الفعل الذي يضره،

حتى يخيَّل إليه أنه من أنفع الأشياء له، ويُنفّره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيَّل له أنه يضره.
فلا إله إلا الله! كم فُتن بهذا السحر من إنسان! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جمَّل

الباطل وأبرزه في صورة «مستحسنة، وبشّع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة! وكم بَهْرَج من الزُّيوف على الناقدين،

وكم روّج من الزَّغل على العارفين! فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعّبة؛ وسلك

بهم من سبل الضلال كل مسلك، وألقاهم من المهالك في مهلك بعد مهلك، وزيَّن لهم من عبادة الأصنام، وقطيعة الأرحام،

ووأد البنات، ونكاح الأمهات، ووعدهم الفوز بالجِنَانِ مع الكفر والفسوق والعصيان، وأبرز لهم الشرك في صورة التعظيم،

والكفر بصفات الرب تعالى وعلوّه على عرشه وتكلمه بكتبه في قالب التنزيه، [33 ب] وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

في قالب التودّد إلى الناس، وحسن الخلق معهم، والعمل بقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105]، والإعراض عما جاء به

الرسول صلى الله عليه وسلم في قالب التقليد، والاكتفاء بقول من هو أعلم منهم، والنفاق والإدْهان في دين الله في قالب

العقل المعيشيّ الذي يندرج به العبد بين الناس.
فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة، وصاحب قابيل حين قتل أخاه، وصاحب قوم نوح حين أُغرِقوا، وقومِ عاد حين أُهلِكو

ا بالريح العقيم، وصاحب قوم صالح حين أُهلكوا بالصيحة، وصاحب الأُمّة اللوطية حين خُسِفَ بهم وأُتبعوا بالرجم بالحجارة، وصاحب

فرعون وقومه حين أُخذوا الأخذَة الرّابية، وصاحب عُبّاد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر،

وصاحب كل هالك ومفتون.»

 

«إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (1/ 193 ط عطاءات العلم)

 

شاركنا بتعليق


ستة عشر + 11 =




بدون تعليقات حتى الآن.