من مكايد الشيطان لابن آدم ج7
الخميس _8 _مايو _2025AH admin
«ومن كيده: ما ألقاه إلى جُهَّال المتصوفة من الشَّطح والطامَّات، وأبرزه لهم في قالب الكشف من الخيالات،
فأوقعهم في أنواع الأباطيل والتُّرَّهات، وفتح لهم أبواب الدعاوى الهائلات، وأوحى إليهم أن وراء العلم طريقًا إن
سلكوه أفضى بهم إلى كشف العِيان، وأغناهم عن التقيُّد بالسنة والقرآن.
فحسّن لهم رياضة النفوس وتهذيبها، وتصفية الأخلاق، والتجافي عما عليه أهل الدنيا، وأهل الرياسة والفقهاء،
وأرباب العلوم، والعمل على تفريغ القلب وخُلُوِّه من كل شيء، حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلّم.
فلما خلا من صورة العلم الذي جاء به الرسول نَقَش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعدٌّ له من أنواع الباطل،
وخَيّله للنفس حتى جعله كالمشاهَد كشفًا وعيانًا، فإذا أنكره عليهم ورثة الرسل قالوا: لكم العلم الظاهر ولنا
الكشف الباطن، ولكم ظاهر الشريعة وعندنا باطن الحقيقة، ولكم القشور ولنا اللباب.
فلما تمكّن هذا من قلوبهم سلَخَها من الكتاب والسنة والآثار، كما يُسلَخ الليل من النهار، ثم أحالهم في سلوكهم
على تلك الخيالات، وأوهمهم أنها من الآيات البينات، وأنها من قِبَل الله سبحانه إلهامات وتعريفات، فلا تُعْرَضُ على
السنة والقرآن، ولا تُعامَل إلا بالقبول والإذعان. فلغير الله ــ لا له ــ سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان: من الخيالات
والشطحات وأنواع الهذيان! وكلما ازدادوا بُعْدًا وإعراضًا عن القرآن وما جاء به الرسول كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم.
«إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (1/ 207 ط عطاءات العلم)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.