من مواعظ ابن الجوزي لمن أدرك رمضان ( الحلقة الثانية : هذه الأيام تصان):
الثلاثاء _21 _يونيو _2016AH adminإِخْوَانِي: هَذِهِ أَيَّامٌ تُصَانُ، هِيَ كَالتَّاجِ عَلَى رَأْسِ الزَّمَانِ، وَصَلَ تَوْقِيعُ الْقِدَمِ مِنَ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أنزل فيه القرآن} .
يَا لَهُ مِنْ وَقْتٍ عَظِيمِ الشَّانِ تَجِبُ حِرَاسَتُهُ مِمَّا إِذَا حَلَّ شَانَ، كَأَنَّكُمْ بِهِ قَدْ رَحَلَ وَبَانَ وَوَجْهُ الصُّلْحِ مَا بَانَ {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} .
مِنَ اللازِمِ فِيهِ أَنْ تُحْرَسَ الْعَيْنَانِ، وَمِنَ الْوَاجِبِ أَنْ يُحْفَظَ اللِّسَانُ، وَمِنَ الْمُتَعَيَّنِ أَنْ تَمْنَعَ مِنَ الْخُطَى فِي الْخَطَا الْقَدَمَانِ {شَهْرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن} .
زِنُوا أَفْعَالَكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِمِيزَانٍ، وَاشْتَرُوا خَلاصَكُمْ بِمَا عَزَّ وَهَانَ، فَإِنْ عَجَزْتُمْ
فَسَلُوا الْمُعِينَ وَقَدْ أَعَانَ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فيه القرآن} .
قَدْ ذَهَبَ نِصْفُ الْبِضَاعَةِ فِي التَّفْرِيطِ وَالإِضَاعَةِ، وَالتَّسْوِيفُ يَمْحَقُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بحسبان {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} .
يَا وَاقِفًا فِي مَقَامِ التَّحَيُّرِ هَلْ أَنْتَ عَلَى عَزْمِ التَّغَيُّرِ؟ إِلَى مَتَى تَرْضَى بِالنُّزُولِ فِي مَنْزِلِ الْهَوَانِ.
هَلْ مَضَى مِنْ يَوْمِكَ يَوْمٌ صَالِحٌ سَلِمْتَ فِيهِ مِنْ جَرَائِمِ الْقَبَائِحِ، تَاللَّهِ لَقَدْ سَبَقَ الْمُتَّقِي الرَّابِحُ وَأَنْتَ رَاضٍ بِالْخُسْرَانِ.
عَيْنُكَ مُطْلَقَةٌ فِي الْحَرَامِ، وَلِسَانُكَ مُنْبَسِطٌ فِي الآثَامِ، وَلأَقْدَامِكَ عَلَى الذُّنُوبِ إِقْدَامٌ، وَالْكُلُّ مُثْبَتٌ فِي الدِّيوَانِ.
قَلْبُكَ غَائِبٌ فِي صَلَوَاتِكَ وَفِكْرُكَ يَنْقَضِي فِي شَهَوَاتِكَ، فَإِنْ رَكِنَ إِلَيْكَ مُعَامِلٌ فِي مُعَامَلاتِكَ دَخَلْتَ بِهِ خَانَ مَنْ خَانَ.
أَكْثَرُ كَلامِكَ لَغْوٌ وَهَذَرٌ، وَالْوَقْتُ بِالتَّفْرِيطِ شذر مذر، وَإِنِ اغْتَبْتَ مُسْلِمًا لَمْ تُبْقِ وَلَمْ تَذَرْ، الأَمَانَ مِنْكَ الأَمَانَ.
تَاللَّهِ لَوْ عَقِلْتَ حَالَكَ أَوْ ذَكَرْتَ ارْتِحَالَكَ أَوْ تَصَوَّرْتَ أَعْمَالَكَ لَبَنَيْتَ بَيْتَ الأَحْزَانِ.
سَيَشْهَدُ رَمَضَانُ عَلَيْكَ بِنُطْقِ لِسَانِكَ ونظر عينيك، وسيشار يوم الجمع إِلَيْكَ شَقِيَ فُلانٌ وَسَعِدَ فُلانٌ.
فِي كُلِّ لَحْظَةٍ تَقْرُبُ مِنْ قَبْرِكَ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِكَ، وَمَا أَرَاكَ إِلا كَأَوَّلِ شَهْرِكَ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ سِيَانٌ.
قَدْ ذَهَبَ مِنَ الشَّهْرِ النِّصْفُ وَمَا أَرَى مِنْ عَمَلِكَ النَّصْفَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَاضِي قَدْ قَبُحَ الْوَصْفُ فَقُمِ الآن.
التبصرة لابن الجوزي (2/ 90)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.