هل الكاهن كافر؟
الأحد _25 _نوفمبر _2018AH adminهل الكاهن كافر؟
وَأَمَّا كُفْرُ الْكَاهِنِ فَمِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا كونه وليا للشيطان فَلَمْ يُوحِ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَوَلَّاهُ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الْأَنْعَامِ: 121] وَالشَّيْطَانُ لَا يَتَوَلَّى إِلَّا الْكُفَّارَ وَيَتَوَلَّوْنَهُ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [الْبَقَرَةِ: 257] وَهَذَا وَجْهٌ ثَانٍ.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ} أَيْ: نُورِ الْإِيمَانِ وَالْهُدَى {إِلَى الظُّلُمَاتِ} أَيْ: ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النِّسَاءِ: 119] وَهَذَا وَجْهٌ رَابِعٌ.
وَالْخَامِسُ: تَسْمِيَتُهُ طَاغُوتًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النِّسَاءِ: 60] نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى كَاهِنِ جُهَيْنَةَ,
وَقَوْلُهُ: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} أَيْ: بِالطَّاغُوتِ وَهَذَا وَجْهٌ سَادِسٌ.
وَالسَّابِعُ: أَنَّ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ لِلْإِيمَانِ مِنَ الْكُهَّانِ كَسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَأْتِهِ رِئِيُّهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَنَزَّلْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا لِكُفْرِهِ وَتَوَلِّيهِ إِيَّاهُ, حَتَّى إِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَغْضَبُ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ حَتَّى قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كُنَّا فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ أَعْظَمُ.
الثَّامِنُ وَهُوَ أَعْظَمُهَا: تَشَبُّهُهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَاتِهِ وَمُنَازَعَتُهُ لَهُ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ, فَإِنَّ عِلْمَ الْغَيْبِ مِنْ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُ, فَلَا سَمِيَّ له ولا مُضَاهِيَ وَلَا مُشَارِكَ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} ، {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} {عَالَمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} ، {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} {أَعْنَدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} وَلِسَانُ حال الكاهن ومقاله يَقُولُ: نَعَمْ.
التَّاسِعُ: أَنَّ دَعْوَاهُ تِلْكَ تَتَضَمَّنُ التَّكْذِيبَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ. الْعَاشِرُ: النُّصُوصُ فِي كُفْرِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَكَيْفَ بِهِ هُوَ نَفْسِهِ فِيمَا ادَّعَاهُ؟! فَقَدْ رَوَى الْأَرْبَعَةُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:”مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ, أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ, أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ. وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” . وَلِمُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ, لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً” فَهَذَا حُكْمُ مَنْ سَأَلَهُ مُطْلَقًا, وَالْأَوَّلُ حُكْمُ مَنْ سَأَلَهُ وَصَدَّقَهُ بِمَا قَالَ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَاهِنَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَا ذَكَرْنَا فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعْرِفَةَ الْمُغَيَّبَاتِ وَلَوْ بِغَيْرِهِ, كَالرَّمَّالِ الَّذِي يَخُطُّ بِالْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا, وَالْمُنَجِّمِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ أو الطارق بالحصا وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ كَالدَّلَالَةِ عَلَى الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهَا أَوِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.