كفران النعم
الخميس _21 _يونيو _2018AH adminكفران النعم:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فعلى الرغم من توالي نعم الله علينا، وإقرار كثير من الخلق بأن نعم الله تعد ولا تحصى، إلا أن الشاكر قليل، كما قال تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} الآية [سبأ: 13]، وتعظم المصيبة حينما تقابل النعم بنوع من الإنكار الذي تتنوَّع صوره، ويتخذ أشكالاً وقوالب شتَّى –والله المستعان-، منها الظاهر ومنها الخفي… وتختلف الأعذار من شخص لآخر في تبرير القصور في هذا الباب الكبير من أبواب الدين، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا… متى يصبح الخلل هنا خللا عقدياً يقدح في توحيد العبد ؟
وللإجابة على هذا السؤال أدع المجال للآيات والأحاديث ونقولات السلف الصالح؛ لتجيبنا الجواب الكافي..
- يقول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [سورة النحل آية : 83]
قال مجاهد ما معناه: هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما. [تفسير الطبري 7/629]
وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان لم يكن كذا. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم [تفسير الطبري 7/629] قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة والملاح حاذقا، ومعناه: أن الله إذا أجرى السفينة وسلَّمها، نسبوا ذلك إلى الريح والملاح ونحو ذلك من العبارات مما هو جار على ألسنة كثير من الناس.
- ويقول تعالى: { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } يقول الطبري: أي وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب، ثم روى بإسناده عن علي مرفوعاً قال : شكركم تقولن مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا[تفسير الطبري 11/661]ونقل ابن كثير عن مجاهد في هذه الآية قوله: هو قولهم في الأنواء مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا يقول : قولوا هو من عند الله وهو رزقه [تفسير ابن كثير 4/381].
- وفي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال : ” صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس قال: هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته. فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب [البخاري:810، ومسلم:125]
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- : فيه إشارة إلى أن نسبة النعمة إلى غير الله كفر، ولهذا قطع بعض العلماء بتحريمه، وإن لم يعتقد تأثير النوء بإنزال المطر، فيكون من جحد النعم؛ لعدم نسبتها إلى الذي أنعم بها.إهـ
ومما تقدم يتبين للمرء خطورة هذا المقام، والحذر من شرك الألفاظ من نسبة النعم إلى غير المنعم إما عن اعتقاد أن له تأثيراً فيكون كفرا، وإما عن غير اعتقاد فيكون محرما، فمن نسب النعمة إلى غير الله معتقداً أن له تأثيراً فهو من النوع الأول، ومن نسبها إلى غير الله مع اعتقاده أن المنعم هو الله، ولكن لهذا الغير نوع تأثير فهو من النوع المحرم الذي يقدح في كمال التوحيد.
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لانعلمه، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.