ماهي العلاقة بين الشُّكر والصبر؟

الثلاثاء _29 _سبتمبر _2020AH admin
ماهي العلاقة بين الشُّكر والصبر؟

قال ابن حجر: الشُّكر يتضمن الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، وقال بعض الأئمة: الصبر يستلزم الشُّكر ولا يتم إلا به، وبالعكس فمتى ذهب أحدهما ذهب الآخر، فمن كان في نعمة ففرْضُه الشُّكر، والصبر، أما الشُّكر فواضح، وأما الصبر فعن المعصية، ومن كان في بلية ففرْضُه الصبر والشُّكر، أما الصبر فواضح، وأما الشُّكر فالقيام بحق الله في تلك البلية، فإن لله على العبد عبوديةً في البلاء، كما له عليه عبوديةٌ في النَّعماء.

وقد اختلف الناس في بيان أيهما أفضل: الصبر أم الشُّكر؟ وقد نتج عن ذلك أقوال عدة:

القول الأول: اعتبر أن الصبر أفضل من الشُّكر.

والقول الثاني: عد الشُّكر أفضل.

والقول الثالث: قال: هما سيان.

والقول الرابع: بين أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال.

وقد استدل كل قول بما عنده من دليل، إلا أن خلاصة تلك الأقوال في ذلك: إن لكل واحد من الصبر والشُّكر درجات: فأقل درجات الصبر: ترك الشكوى مع الكراهية، ووراءها الرضا، وهو مقام وراء الصبر، ووراء ذلك الشُّكر على البلاء، وهو وراء الرضا. ودرجات الشُّكر كثيرة، فإن حياء العبد من تتابع نعم الله عليه شُكْرٌ، ومعرفته بتقصيره عن الشُّكر شُكْرٌ، والمعرفة بعظيم حلم الله وستره شُكْرٌ، والاعتراف بأن النعم ابتداء من الله بغير استحقاق شُكْرٌ، والعلم بأن الشُّكر نعمة من نعم الله شُكْرٌ، وحسن التواضع في النعم والتذلل فيها شُكْرٌ،…وتلقي النعم بحسن القبول واستعظام صغيرها شُكْرٌ، فما يندرج من الأعمال والأقوال تحت اسم الشُّكر والصبر لا ينحصر، وهي درجات مختلفة، فكيف يمكن إجمال القول بتفضيل أحدهما على الآخر؟ لكن يقال: إذا أضيف الصبر إلى الشُّكر الذي هو صرف المال إلى الطاعة، فالشُّكر أفضل؛ لأنه تضمن الصبر أيضًا، وفيه فرح بنعمة الله عز وجل، وفيه احتمال ألم في صرفه إلى الفقراء، وترك صرفه إلى التنعم المباح، فهو أفضل من الصبر بهذا الاعتبار.

وأما إذا كان شكر المال ألا يستعين به على معصية، بل يصرفه إلى التنعم المباح، فالصبر هنا أفضل من الشُّكر، والفقير الصابر أفضل من الممسك ماله الصارف له في المباحات، لأن الفقير قد جاهد نفسه وأحسن الصبر على بلاء الله تعالى، وجميع ما ورد من تفضيل أجزاء الصبر على الشُّكر، إنما أريد به هذه الرتبة على الخصوص، لأن السابق إلى أفهام الناس من نعمة الأموال والغنى بها، والسابق إلى الأفهام من الشُّكر أن يقول الإنسان: الحمد لله.

إذن فالصبر الذي يعتمده العامة أفضل من هذا الشُّكر الذي يفهمونه، ومتى لحظت المعنى الذي ذكر، علمت بأن لكل واحد من القولين وجهًا في بعض الأحوال، فرب فقير صابر أفضل من غني شاكر كما ذكر، ورب غني شاكر أفضل من فقير صابر، وذلك هو الغني الذي يرى نفسه مثل الفقير الذي لا يمسك لنفسه من المال إلا قدر الضرورة، ويصرف الباقي في الخيرات، أو يمسكه على اعتقاده أنه خازن للمحتاجين، وإنما ينتظر حاجة تسنح حتى يصرف إليها، وإذا صرفه لم يصرفه لطلب جاه ولا تقليد منه، فهذا أفضل من الفقير الصابر.

إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية لما سئل عن أيهما أفضل الفقير الصابر أم الغني الشَّاكر؟ أجاب: بأن أكرمهم عند الله اتقاهم؛ مصداقًا لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات من الآية:13].

شاركنا بتعليق


1 × خمسة =




بدون تعليقات حتى الآن.