شبهة: والصالحون ليس لهم من الأمر شيءٌ ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم

الأحد _31 _مايو _2015AH admin
شبهة: والصالحون ليس لهم من الأمر شيءٌ  ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم

شبهة

والصالحون ليس لهم من الأمر شيءٌ

ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم

 

 

قال رحمه الله: (فإن قال: الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر، لا أريد إلا منه والصالحون ليس لهم من الأمر شيء، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم فالجواب: أن هذا للكفار سواءً بسواء واقرأ عليه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3] وقوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [يونس: 18]. هذه هي الشبهة الثالثة.

 

فالشبهةُ الأولى؛ يقول: أنا ما أشركتُ! أنا أعتقد أنَّ الله هو الخالقُ الرازق، والشبهة الثانية يقول: إنَّ هذه الآيات نزلَت فيمن عبد الأصنامَ وأنا لا أعبدُ الأصنامَ، أنا أتقرَّب إلى الله بهؤلاء الصالحين؛ بجاهِهم وبقدرِهم.

 

فهذه الشبهة الثالثة؛ يقول: إن الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أنَّ الله هو النافعُ الضارُّ، فلاحظوا أنَّه رجعَ إلى توحيد الربوبية.

 

وهذا مِن الجهل الذَّريع بهذه الكلمة؛ كلمةِ التوحيد "لا إله إلا الله"، ولهذا فالشيخ المجدِّد رحمه الله دندن كثيرًا حول بيان هذه الكلمة، فليس معناها: لا نافع ولا ضارَّ ولا خالق إلا الله؛ وإنما معناها: لا معبود بحقٍّ إلا الله.

 

وهذه مشكلةٌ عظيمة وواقعة، وهذا المفهوم التَبَس على كثيرٍ من بلاد المسلمين، خصوصًا المراكز العلميَّة الشهيرة والجامعات الشهيرة لدى المسلمين؛ حيث يدرِّسون للناس في التوحيد أن معنى "لا إله إلا الله": لا خالق ولا رازق إلا الله، كما هي عقيدة علماء الكلام والصوفية التي يسمُّونها: التوحيد.

 

وأنا أذكر أنه جاءنا مدرِّس بلغَ أعلى الرُّتب الجامعية؛ أستاذ دكتور "برفسور" في تخصُّص العقيدة والفلسفة، والطُّلاَّب كما تعرفون يحبُّون أن يباحثوا أساتذتهم؛ فسألناه عن معنى: لا إله إلا الله؟ قال: كلُّ الناس يعرفون معنى لا إله إلا الله؛ معناها: لا نافع ولا ضارَّ ولا خالق إلا الله.

 

فهل هذا معنى لا إله إلا الله؟!

الجواب: قطعًا لا؛ لأن هذا هو الذي أقرَّ به المشركون ولم يؤمنوا، فهُم جهِلوا هذه الكلمة، وبالتالي ترتَّب على جهلهم بها أَنْ وقعوا في الشرك وظنوه إيمانًا وتوحيدًا.

 

إذًا هذه الشُّبَه الثلاث هي أعظمُ ما عليه شُبهات أهل الضلال والباطل في توحيد العبادة، ويقود رايتَهم في هذا الزمان طائفتان عظيمتان:

1- الرافضة: وهم حاملو رايةِ الشرك وعبادة القبور والمقاماتِ والأضرحة والمزَارات التي يَصِفونها بأنها عَتباتٌ مقدَّسة.

 

2- الصوفية بفِرَقهم الكثيرة: نقشبندية وقادرية، ورفاعية وشاذلية، وتيجانية ودسوقية، وبرهانية وختمية، وعيدروسية… في فِرقٍ كثيرة لا أحصيها لكم في هذا المقام.

 

هذه هي أعظمُ شُبههم؛ حيث يقول: أنا ما أشرِك؛ لأني أعتقد أن الله هو الخالقُ الرازق، ويقول: إن هذه الآيات نزلَت في عُبَّاد الأصنام، وأنا أعتقد أنه لا إله إلا الله، وأن النَّافع الضارَّ هو اللهُ.

 

فهو يقول: لا إله إلا الله، على غير اعتقادٍ صحيح؛ فهو يتلفَّظ بها معتقدًا أن معناها لا نافعَ ولا ضارَّ ولا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا الله.

 

وهذه الشُّبَه الثلاث هي أعظم ما يعوِّل عليه هؤلاء، وانظر كيف أنَّ الله كشفها ووضحها وبيَّنها بحقيقة التوحيد؛ فإن ترسختَ من ذلك زالَت عنك كلُّ شُبهة يلقيها عليك المخالفون المنحرفون في توحيد العبادة، فتكون راسخًا مثل الجبل؛ فأيُّ شبهة تأتيك لا تبقى، بل تزولُ أمامك بمعرفتك بهذا الكشف الذي كشفه اللهُ جل وعلا من هذه الشُّبه.

 

فالعلم بالتوحيد أمرك اللهُ به، وبعث إليك رسلَه عليهم الصلاة والسلام، دعاةً إليه، وأنزل به كتبَه، والعلم بالشرك الذي حرَّمه اللهُ وعظَّمه وشدَّد النَّكير عليه وعلى أهله، إذا حققتَهما وعرفتهما زالَت عنك هالات شبههم، فغدَت عندك سرابًا لا حقيقة، عجاجًا لا شيء تحتها.

 

قال رحمه الله: "واعلم أن هذه الشبه الثلاث هي أكبرُ ما عندهم؛ فإذا عرفتَ أن الله وضَّحها في كتابه، وفهمتَها فهمًا جيدًا، فما بعدها أيسرُ منها".

 

فالخلاصة أن المقصد الأعظم في تأصيل ردِّ تلكُم الشُّبه والجواب عليها واضحٌ بأمور خمسة رئيسة:

1- أن الله بيَّن التوحيد ما هو، وأنه لا معبود بحقٍّ إلا الله، وتوحيد هؤلاء هو توحيدُ الربوبية، وهذا أقرَّ به المشركون، فلا ينفعهم والحالة هذه؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].

 

2- النبي صلى الله عليه وسلم قاتلَهم على جَحدهم توحيدَ العبادة، ولم يقاتلهم على توحيد الرُّبوبيَّة؛ لأنهم مقرُّون به.

 

3- أنه صلى الله عليه وسلم قاتلَهم، وحكم عليهم بالنار؛ لأنهم لم يحقِّقوا لله العبادةَ.

 

4- أنهم ما اعتقدوا في آلهتهم النفعَ والضرَّ؛ وإنَّما جعلوهم وسائطَ عند الله، شفعاء صالحين.

 

5- أن هذه الأصنام كانت رموزًا لصالحين، اعتقدوا فيهم الصلاحَ، فقصدوهم.

 

إذا عرفتَ هذا وتبينتَه وتحققتَه، فإنَّ ما بعده من الشبه كله هيِّن، ولا تهتم به.

 

قال رحمه الله: (فإذا قال: نعم، فقل له: بيِّن لي هذا الذي فرض عليك؛ وهو إخلاص العبادة لله وحده وهو حقه عليك، فإن كان لا يعرف العبادةَ ولا أنواعَها، فبيِّنها له بقولك: قال الله تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]).

 

"المقاصد الساميات في كشف الشبهات"


 

شاركنا بتعليق


19 + 20 =




بدون تعليقات حتى الآن.