أهمية الصدق مع الخلق
الجمعة _19 _فبراير _2021AH adminحاجة المجتمع إلى خلق الصدق في التعامل بين أفراده:
فالصدق ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية، بل هو أكبر أبواب السعادة للأفراد وللأمة.
ولعل أصدق ميزان لرقي أمة من الأمم صدق أفرادها في أقوالهم وأعمالهم، وإنها لأزمة كبيرة تلك التي يعاني منها الناس في تعاملهم عندما يفقدون الثقة فيما بينهم نتيجة فقدهم لخلق الصدق، وانتشار خلق الكذب بينهم: الكذب في الأقوال والكذب في الأعمال، والكذب في النيات، فليس غريباً إذن أن تقف الشرائع كلها مشددة في خلق الصدق، منكِرة رذيلة الكذب.
إن العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة وصدقها، ولولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعاً قائما على الكذب لندرك مبلغ تفككه وتمزقه، وانعدام صور التعاون والتلاحم بين أفراده.
كيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟ وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة أو تاريخ أو حضارة في غياب الصدق بين أفراده؟
كيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا غاب الصدق في المجتمع؟
كيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟
كيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أساس التعامل بين الناس؟
كيف يوثق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات، إذا غاب الصدق وحل محله الكذب والافتراء؟…
كيف يهنأ لمجتمع عيش إذا ما حلت به السنوات الخداعات، تقلب فيها الموازين، وينتشر فيها المكر والخديعة، والكذب والحيل. وقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم:
أخرج أحمد وابن ماجة والحاكم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ؛ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ، يتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ».
ما أجمل أن يكون الصدق مشاعا بين الناس، بين الأسر، بين الجيران، في البيوت والمدارس والمؤسسات، في الشوارع والمتاجر والأسواق. في كل مكان، ومع كل إنسان.
فواجب على الآباء والأمهات وكافة المربين أن يغرسوا فضيلة الصدق في نفوس الأطفال، حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها.
أخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ ». وكم من الأمهات يكذبن على أبنائهن، وكم من الآباء يكذبون على أبنائهم، وما علموا أنهم بذلك يغرسون خلق الكذب في نفوس أبنائهم. فأين الآباء والأمهات من تربية أبنائهم على الصدق؟ والسير بهم في طريق الصادقين؟..
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.