الدعاء والصبر
الجمعة _30 _ديسمبر _2022AH adminوَقَالَ سُلَيْمَانُ بن عبد الملك لموسى بن نصير يَوْماً: مَا كُنْتَ تَفْزَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الحَرْبِ؟
قَالَ: الدُّعَاءُ وَالصَّبْرُ.
قَالَ: فَأَيَّ الخَيْلِ رَأَيْتَ أَصْبَرَ؟
قَالَ: الشُّقْرُ.
قَالَ: فَأَيُّ الأُمَمِ أَشَدُّ قِتَالاً؟
قَالَ: هُم أَكْثَرُ مَنْ أَنْ أَصِفَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الرُّوْمِ.
قَالَ: أُسْدٌ فِي حُصُوْنِهِمْ، عُقْبَانُ عَلَى خُيُوْلِهِم، نِسَاءٌ فِي مَرَاكِبِهِم، إِنْ رَأَوْا فُرْصَةً، انْتَهَزُوْهَا، وَإِنْ رَأَوْا غَلَبَةً، فَأَوْعَالٌ تَذْهَبُ فِي الجِبَالِ، لاَ يَرَوْنَ الهَزِيْمَةَ عَاراً.
قَالَ: فَالبَرْبَرُ؟
قَالَ: هُم أَشْبَهُ العَجَمِ بِالعَرَبِ لِقَاءً وَنَجْدَةً وَصَبْراً وَفُرُوْسِيَّةً، غَيْرَ أَنَّهُم أَغْدَرُ النَّاسِ.
قَالَ: فَأَهْلُ الأَنْدَلُسِ؟
قَالَ: مُلُوْكٌ مُتْرَفُوْنَ، وَفُرْسَانٌ لاَ يَجْبُنُوْنَ.
قَالَ: فَالفِرَنْجُ؟
قَالَ: هُنَاكَ العَدَدُ وَالجَلَدُ وَالشِّدَّةُ وَالبَأْسُ.
قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتِ الحَرْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُم؟
قَالَ: أَمَّا هَذَا، فَوَاللهِ مَا هُزِمَتْ لِي رَايَةٌ قَطُّ، وَلاَ بُدِّدَ لِي جَمْعٌ، وَلاَ نُكِبَ المُسْلِمُوْنَ مَعِي مُنْذُ اقْتَحَمْتُ الأَرْبَعِيْنَ إِلَى أَنْ بَلَغْتُ الثَّمَانِيْنَ، وَلَقَدْ بَعَثْتُ إِلَى الوَلِيْدِ بِتَوْرِ (1) زَبَرْجَدٍ، كَانَ يُجْعَلُ فِيْهِ اللَّبَنُ حَتَّى تُرَى فِيْهِ الشَّعْرَةُ البَيْضَاءُ … ، ثُمَّ أَخَذَ يُعَدِّدُ مَا أَصَابَ مِنَ الجَوْهَرِ وَالزَّبَرْجَدِ حَتَّى تَحَيَّرَ سُلَيْمَانُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَرْوَانَ لَمَّا قَرَّرَ وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ عَلَى مِصْرَ، جَعَلَ عِنْدَهُ مُوْسَى بنَ نُصَيْرٍ، ثُمَّ كَانَ مُوْسَى مَعَ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ وَزِيْراً بِالعِرَاقِ.
سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 499)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.