المفاسد الناشئة عن اتخاذ القبور أعيادا ج1
الأحد _27 _يوليو _2025AH admin
«ثم إن في اتخاذ القبور أعيادًا من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله ما يغضبُ لأجله كلُّ مَنْ في قلبه وقارٌ لله، وغَيْرة على التوحيد، وتهجين.
«وتقبيح للشرك، ولكن … ما لِجُرْحٍ بميِّتٍ إيلامُ
فمن مفاسد اتخاذها أعيادًا: الصلاة إليها، والطواف بها، وتقبيلها واستلامها، وتعفير الخدود على تُرابها، وعبادة أصحابها، والاستعانة بهم،
وسؤالُهم النصر والرزق والعافية، وقضاء الديون، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وغير ذلك من أنواع الطلبات، التي كان عُبّاد الأوثان يسألونها أوثانَهم.
فلو رأيت غُلاة المتخذين لها عيدًا، وقد نزلوا عن الأكوار والدواب إذا رأوها من مكان بعيد، فوضعوا لها الجِباه، وقَبّلوا الأرض، وكشفوا الرؤوس، وارتفعت
أصواتهم بالضجيج، وتباكَوْا حتى يُسمع لهم النشيج، ورأوا أنهم قد أربوْا في الربح على الحجيج، فاستغاثوا بمن لا يُبدئ ولا يُعيد، ونادَوا ولكن من
مكان بعيد، حتى إذا دنَوا منها صلَّوا عند القبر ركعتين، ورأوا أنهم قد أحرزوا من الأجر ولا أجر من صلى إلى القبلتين، فتراهم حول القبر رُكّعًا سُجّدًا
يبتغون فضلًا من الميت ورضوانًا، وقد ملأوا أكُفَّهم خيبة وخسرانًا، فَلِغَيْر الله بل للشيطان ما يُراق هناك من العَبَرات، ويرتفع من الأصوات، ويُطلب من الميت
من الحاجات، ويُسأل من تفريج الكُربات، وإغناء ذوي الفاقات، ومعافاة أولي العاهات والبليَّات، ثم انثنوا بعد ذلك حول القبر طائفين، تشبيهًا له بالبيت
الحرام الذي جعله الله مباركًا وهُدًى للعالمين، ثم أخذوا في التقبيل والاستلام، أرأيت الحجر الأسود وما يفعل به وفْدُ البيت الحرام؟ ثم عَفّروا لَدَيْه تلك
الجباه والخدود، التي يعلم الله أنها لم تُعفَّر كذلك بين يديه في السجود، ثم كمّلوا مناسك حج القبر بالتقصير هناك والحِلاق، واستمتعوا بخَلاقهم
من ذلك الوثن؛ إذ لم يكن لهم عند الله من خَلاق، وقربوا لذلك الوثن القرابين، وكانت صلاتُهم ونُسكهم وقُربانهم لغير الله رب العالمين، فلو رأيتهم يُهنِّئ
بعضهم بعضًا، ويقول: أجزل الله لنا ولكم أجرًا وافرًا وحظًّا، فإذا رجعوا سألهم غلاة المتخلِّفين أن يبيع أحدهم ثواب حجة القبر بحجة المتخلف إلى البيت
الحرام، فيقول: لا، ولو بحجِّك كل عام. »
«إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان» (1/ 350 ط عطاءات العلم)
شاركنا بتعليق
بدون تعليقات حتى الآن.